وأخذ يلعن ابن زياد ، ويذكر مساوئ بني أمية ، ويدعو الى نصرة ريحانة الرسول (ص) فاستشاط ابن زياد غضبا ، وأمر أن يلقى من فوق القصر كما فعل بقيس بن مصهر الصيداوي ، فرمته الشرطة من أعلى القصر فتكسرت عظامه ، وبقي به رمق من الحياة فاسرع إليه الوغد الخبيث عبد الملك اللخمي فذبحه ليتقرب إلى سيده ابن مرجانة ، وقد عاب الناس عليه ذلك فاعتذر لهم أنه أراد ان يريحه.
ولما انتهى خبره إلى الامام (ع) شق عليه ذلك ، ويئس من الحياة وأمر بجمع أصحابه ، والذين اتبعوه طلبا للعافية لا للحق فقال لهم :
«أما بعد : فقد خذلنا شيعتنا ، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف ليس عليه منا ذمام».
وتفرق عنه ذباب المجتمع من ارباب المطامع الذين تبعوه لأجل الغنيمة ، وخلص إليه الصفوة من اصحابه الذين جاءوا معه من مكة (١) ولو كان الحسين يروم الملك والسلطان لما صارح الذين اتبعوه بالأوضاع
__________________
(١) تأريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧٨ ، انساب الاشراف ق ١ ج ١ وسيلة المال (ص ١٨٩) تأريخ أبي الفداء ١ / ٣٠١ تأريخ الاسلام للذهبي ٢ / ٣٤٥ ، وجاء في روضة الأعيان في أخبار مشاهير الزمان (ص ٦٧) ان الامام لما اذن للناس بالتفرق عنه ، تفرقوا عنه ، ولم يبق معه إلا اثنان واربعون رجلا من اهل بيته ، وجاء في تأريخ الطبري ان الذين صحبوا الامام من المدينة تفرقوا عنه حينما اعلن لهم مقتل عبد اللّه ابن يقطر ، وفيما نحسب أن هذا اشتباه من الطبري فان الامام لم يمر بالمدينة في حال مجيئه إلى مكة اللهم إلا الذين تبعوه من المدينة وساروا معه الى مكة او في أثناء الطريق إليها.