وأقام موكب العترة الطاهرة في كربلا يوم الخميس المصادف اليوم الثاني من المحرم سنة (٦١ هـ) (١) وقد خيم الرعب على اهل البيت ، وايقنوا بنزول الرزء القاصم ، وعلم الامام مغبة الأمر ، وتجلت له الخطوب المفزعة ، والأحداث الرهيبة التي سيعانيها على صعيد كربلا ، ويقول المؤرخون : انه جمع أهل بيته واصحابه فالقى عليهم نظرة حنان وعطف وايقن انهم عن قريب سوف تتقطع أوصالهم ، فاغرق في البكاء. ورفع يديه بالدعاء يناجي ربه ، ويشكو إليه ما المّ به من عظيم الرزايا والخطوب قائلا :
«اللهم : انا عترة نبيك محمد (ص) قد أخرجنا وطردنا وازعجنا عن حرم جدنا ، وتعدت بنو أمية علينا اللهم فخذ لنا بحقنا وانصرنا على القوم الظالمين.».
ثم اقبل على اولئك الابطال فقال لهم :
«الناس عبيد الدنيا والدين لعق على السنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم فاذا محصوا بالبلاء ، قلّ الديانون» (٢).
يا لها من كلمات مشرقة حكت واقع الناس في جميع مراحل التأريخ فهم عبيد الدنيا في كل زمان ومكان ، واما الدين فلا ظل له في اعماق
__________________
(١) انساب الأشراف ق ١ ج ١ / ٢٤٠ ، وكان هلال المحرم في تلك السنة يوم الأربعاء جاء ذلك في (الافادة في تأريخ الأئمة السادة)
(٢) ضبط ابو هلال الحسن بن عبد اللّه العسكري في كتابه (الصناعتين) كلام الامام الحسين بهذه الصورة «الناس عبيد الدنيا والدين لغو على السنتهم يحوطونه ما درّت به معايشهم فاذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون».