.................................................................................................
______________________________________________________
المنظور إليه كان غير بالغ ، وكان صبياً غير مميز ، فإذا شكّ في بلوغه أو تمييزه استصحب بقاؤه على الوصف السابق كما هو الحال في باقي موارد الشبهات الموضوعية ، كالشكّ في طلاق الزوجة.
وبالجملة فإنّ الاستصحاب يرفع موضوع القاعدة المذكورة ويثبت شرط الجواز.
هذا كلّه بناء على ثبوت عموم يقتضي حرمة النظر مطلقاً إلّا ما خرج بالدليل ، على ما استفاده الماتن (قدس سره) من قوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ).
وأما بناءً على ما ذكرنا من أنّ هذه الآية الكريمة غير ناظرة إلى حرمة النظر وإن استفدنا ذلك من أدلّة أُخرى كقوله تعالى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) وإنّما هي ناظرة إلى صرف النظر وقطعه عن الجنس الآخر ، من دون أن يكون لها نظر إلى حرمة نظر الرجل إلى كل أحد إلّا ما استثني ، فيختلف الحال بالنسبة إلى كثير من الأُصول المتقدمة.
فإن كان الشكّ في كون المرأة المنظور إليها محرماً أو غير محرم ، فالحكم كما تقدم فلا يجوز النظر إليها ، لأنّ مقتضى استصحاب العدم الأزلي هو عدم اتصافها بالمحرمية فتكون من أفراد المستثنى منه لا محالة.
وإن كان الشكّ في كون المنظور إليه مماثلاً له وعدمه ، فالظاهر جواز النظر إليه ، إذ بعد فرض عدم وجود عموم يفيد حرمة نظر الرجل إلى كل أحد إلّا ما استثني ، يكون موضوع حرمة النظر هي المرأة خاصة ، فإذا شكّ في تحققه كان مقتضى استصحاب العدم الأزلي عدم تحققه. ومع قطع النظر عنه فمقتضى أصالة البراءة هو الجواز.
ويظهر من كلام الشيخ الأعظم (قدس سره) التسالم على هذا الحكم ، حيث نقض به كلام المحقق الثاني (قدس سره) حين التزم بعدم جواز النظر إلى الخنثى المشكل بدعوى أنّ من المحتمل كونها امرأة فلا يجوز النظر إليها مقدمة لتحصيل فراغ الذمّة فأورد عليه (قدس سره) بأنّ الشكّ شكّ في التكليف ، فلا يكون مجرى لقاعدة الاشتغال (١). فيظهر من إيراده هذا أنّ الحكم متسالم عليه بينهم ، وإلّا فلا وجه لجعله نقضاً عليه.
__________________
(١) جامع المقاصد ١٢ : ٤٢.