.................................................................................................
______________________________________________________
إلّا أن إبراهيم بن الحسن لما كان مجهولاً ، فلا مجال للاعتماد على روايته.
وأما الطائفة الثانية ، فكمعتبرة محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل ملك بضع امرأة وهو محرم قبل أن يحلّ فقضى أن يخلي سبيلها ولم يجعل نكاحه شيئاً حتى يحلّ ، فإذا أحلّ خطبها إن شاء ، وإن شاء أهلها زوّجوه وإن شاؤوا لم يزوّجوه» (١). ودلالتها على جواز التزوّج منها ثانياً واضحة.
وأما الطائفة الثالثة ، فكمعتبرة أديم بن الحر عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال : «والمحرم إذا تزوج وهو يعلم أنّه حرام عليه لم تحلّ له أبداً» (٢).
ومن الواضح أنّ النسبة بين الطائفة الأُولى والطائفة الثانية إنّما هي التباين ، إلّا أن نسبة الطائفة الثالثة إلى الطائفة الثانية هي نسبة الخاص إلى العام ، فتكون مخصصة لعمومها لا محالة ، وبذلك فتنقلب النسبة بينهما وبين الطائفة الأُولى فيخصص الحكم بالحرمة الأبدية في الأُولى بصورة العلم ، نظراً لدلالة الطائفة الثانية بعد تخصيصها بالطائفة الثالثة على جواز التزوج منها ثانياً في صورة الجهل.
على أنّا لو فرضنا عدم وجود الطائفة الثانية ، كان القول باختصاص الحرمة الأبدية بصورة العلم متعيناً أيضاً وذلك لوجود الطائفة الثالثة ، فإنّ تقييد الحرمة في معتبرة أديم بصورة العلم يقتضي ذلك حتى وإن لم نقل بمفهوم القيد. والوجه فيه ما ذكرناه غير مرة من أن ذكر القيد إنّما يكشف عن عدم ثبوت الحكم مطلقاً ، وإلّا لكان ذكره لغواً محضاً.
بل لو فرضنا عدم وجود هذه الطائفة أيضاً ، لكان الحكم بالحرمة مختصاً بصورة العلم أيضاً ، وذلك لصحيحة عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله (عليه السلام) حيث ورد فيها : «أي رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه» (٣).
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب الحج ، أبواب تروك الإحرام ، ب ١٥ ح ٣.
(٢) تقدّمت في ص ٢٤٦ ه ١.
(٣) الوسائل ، ح ١٣ كتاب الحج ، أبواب بقية كفارات الإحرام ، ب ٨ ح ٣.