بمعنى : المشقة أو الوقوع في الزنا (١) بل الأحوط تركه
______________________________________________________
ومن هنا فلا خصوصية للمهر ، وإنّما العبرة بعدم القدرة على التزوّج بالحرة على الإطلاق. وعليه فلو فرضنا كون الحر قادراً من جهة المال وعاجزاً من جهة أُخرى لأجل الضعة في النسب أو العمل أو الخلق وما شاكلها ، جاز له التزوّج بالأَمة ، لصدق عدم التمكّن من التزوّج بالمحصنة.
والحاصل أنّ تقييد الطول بالمهر كما في كلام الماتن (قدس سره) وغيره لم يعرف له وجه ، والصحيح اعتبار عدم القدرة والمكنة مطلقاً ، من حيث المهر كان أم من غيره.
(١) وهذا التفسير بظاهره واضح الفساد ، فإنّ خوف العنت من الأُمور النفسانية فلا يمكن تفسيره بما هو من الأُمور الخارجية ، كالمشقة والوقوع في الزنا. إلّا أنّ الظاهر أنّ عبارته (قدس سره) لا تخلو من المسامحة ، وأنّه إنّما يريد تعريف العنت نفسه لا خوف العنت الذي هو من الأُمور النفسانية.
وكيف كان ، فإنْ كان مراده (قدس سره) أنّ العنت عبارة عن الجامع بين المشقة والوقوع في الزنا ، بحيث يصدق العنت على كل واحدة منهما ، فهو مما لم يثبت بدليل بل هو مخالف للمذكور في كتب اللغة وظاهر قوله تعالى (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ) (١) وغيره من الآيات الكريمة. فإنّ الظاهر من هذه اللفظة إنّما هو الشدّة والمشقّة ، ومن هنا فلا يشمل خوف الوقوع في الزنا اختياراً ، فإنّ الفعل لما كان حراماً عليه كان من الواجب عليه تركه ، فلا يكون ذلك مسوغاً للتزوج من الأَمة.
فما ذكره (قدس سره) من تفسير العنت بخوف الوقوع في الزنا خلاف الظاهر وبعيد جدّاً ، وأبعد من ذلك ما صنعه صاحب مجمع البيان (قدس سره) من تخصيص العنت بخوف الوقوع في الزنا ، ناسباً إيّاه إلى أكثر المفسرين (٢) ، فإنّه مما لم يدلّ عليه
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٢٠.
(٢) مجمع البيان.