فليس التخصيص في المقام من قبيل التنويع (*) (١) حتى يكون من موارد أصل
______________________________________________________
وبعبارة اخرى : إنّه لا بدّ في ثبوت الحرمة للفرد من إحراز كونه من غير العناوين المذكورة في الآية الكريمة ، حيث إنّ الحكم إنّما ثبت لمن لم يكن مصداقاً لتلك العناوين ، فإذا لم يحرز ذلك فلا وجه للتمسك بالعام فيه. على أنّ التمسك بالعام في الشبهات المصداقية في غير محلّه حتى ولو كان التخصيص بدليل منفصل ، وذلك لما ذكرناه في محلّه من أنّ المخصص المنفصل وإن لم يكن رافعاً لظهور العام في شمول الحكم لجميع الأفراد ، إلّا أنّه إنّما يكشف عن عدم تعلّق الإرادة الواقعية بجميع الأفراد من بادئ الأمر ، وأنّ الحكم من الأوّل كان متعلقاً بحصة خاصة هي غير الخاص. وعليه فكيف يصح التمسك بالعام في الفرد المشكوك والاحتجاج به على المولى؟! وبعبارة اخرى : إنّ المخصص المنفصل وإن كان لا يرفع ظهور العام في شمول الحكم لجميع الأفراد ، إذ الشيء لا ينقلب عما وقع عليه ، لكنه يرفع حجية ظهور العام في الخاص ، ويوجب قصر حجية ظهور العام بغير الخاص. وعليه ففي الفرد المشكوك وإن أحرزنا ظهور شمول العام له ، إلّا أنّه لا طريق إلى إحراز حجية ذلك الظهور ، فإنّها مختصة بغير الخاص وهذا الفرد مشكوك فلا يمكن القول بحجيته فيه.
وبالجملة فلا مجال للالتزام بالحرمة في المقام عن طريق التمسك بالعام في الشبهات المصداقية ، سواء أكان المخصص متصلاً ، أم منفصلاً.
(١) تقدم الكلام في محلّه من المباحث الأُصولية أنّ كل تخصيص يوجب التحصيص والتنويع لا محالة ، سواء في ذلك الأقسام الذاتية كتقسيم المرأة إلى القرشية وغير القرشية ، أو العرضية كبلوغ الماء قدر كر وعدمه.
والوجه فيه ظاهر ، فإنّ الباقي بعد التخصيص كقولنا : كل امرأة تحيض إلى خمسين إلّا القرشية ، وقولنا : إنّ الماء ينجس إلّا إذا بلغ الكر إما أن يثبت له الحكم على نحو الطبيعة المهملة ، أو الطبيعة المطلقة ، أو الطبيعة المقيدة.
__________________
(*) التخصيص يوجب التنويع لا محالة ، إمّا أن المخصص في المقام بما أنّه أمر وجودي فعند الشك يحرز عدمه بالأصل بناءً على ما حقّقناه من جريانه في الأعدام الأزلية.