البراءة ، بل من قبيل المقتضي والمانع (١).
______________________________________________________
والأوّل ممتنع ، لامتناع الحكم على الطبيعة المهملة.
والثاني غير معقول ، إذ لازمه ثبوت الحكم الأول للمستثنى منه والمستثنى معاً.
فيتعيّن أن يكون الحكم ثابتاً له على نحو الطبيعة المقيدة بغير الخاص والمستثنى لا محالة ، وهو ليس إلّا التنويع والتحصيص. فإنّ الحكم بالحيض إلى خمسين أو النجاسة يثبت لنوع وحصة من المرأة والماء ، في حين إنّ الحكم بعدم الحيض وعدم الانفعال يثبت لنوع وحصة اخرى من المرأة والماء.
(١) وفيه : أنّ هذه القاعدة غير ثابتة ، إذ لم يدلّ عليها أي دليل من الشارع أو السيرة فلا مجال للتمسك بها ، اللهم إلّا أن يكون مرجعها إلى الاستصحاب ، وتفصيل الكلام في محلّه من الأُصول.
ومما تقدم يتضح أنّه لا مجال لإثبات الحرمة في المقام بما أفاده (قدس سره).
نعم ، ذكر شيخنا الأُستاذ (قدس سره) في مجلس درسه وفي حاشيته على الكتاب وجهاً آخر لإثباتها ، حيث قال : ويدلّ نفس هذا التعليق على إناطة الرخصة والجواز بإحراز ذلك الأمر ، وعدم جواز الاقتحام عند الشكّ فيه ، ويكون من المداليل الالتزامية العرفية.
وحاصله أنّ كل أمر ترخيصي ، سواء أكان تكليفياً كجواز الكشف للمذكورين في الآية ، أم كان وضعياً كعدم انفعال الماء ، إذا كان مشروطاً بأمر وجودي فلا بدّ من إحرازه في ثبوته ، فلو لم يحرز بأن شكّ فيه ثبت فيه الإلزام لما هو المتفاهم العرفي من دليل الترخيص.
إلّا أنّه لا يمكن المساعدة عليه وإن كان (قدس سره) يصرّ عليه كثيراً في مجلس بحثه وذلك لعدم مساعدة الفهم العرفي لما ذكره (قدس سره) ، وذلك لأنّ المتفاهم من دليل الأحكام أنّه لا يتكفل إلّا بيان الحكم الواقعي الذي هو في المقام حرمة كشف المرأة بدنها لغير المذكورين وجوازه لهم وأما ما هي الوظيفة عند الشكّ وعدم إحراز الموضوع فليس للدليل أي تعرض لحكمه ، بل هو ساكت عنه تماماً.
وبعبارة اخرى : إنّ أدلة الأحكام لا تتكفل إلّا بيان ما هي وظيفة المكلف وما هو