.................................................................................................
______________________________________________________
حكمه واقعاً ، من دون أن يكون لها أي نظر إلى ما هو حكمه ظاهراً عند الشكّ في الحكم الواقعي نتيجة الشكّ في المصداق.
والصحيح في توجيه الحرمة في المقام هو التمسك بأصالة العدم الأزلي ، فيقال : إنه بعد فرض ثبوت العموم وكون الاستثناء استثناءً للأمر الوجودي ، فإذا شكّ في تحقق ذلك العنوان الوجودي وحدوثه استصحب عدمه ، وحكم على ما في الخارج بأنّه غير متصف بذلك الوصف الوجودي.
وتوضيحه : أنّ المرأة حينما تشك في كون من تنظر إليه مماثلاً لها وعدمه ، أو كونه من محارمها النسبية وعدمه ، إنّما تشك في انطباق العنوان الوجودي الخارج بالدليل من عموم حرمة النظر وإبداء الزينة أعني كونه مماثلاً لها ، أو من محارمها النسبية عليه. ومقتضى استصحاب العدم الأزلي هو عدم كون المنظور إليه متصفاً بهذا الوصف ، وعليه فلا يجوز لها النظر إليه ولا إبداء زينتها له ، لأنه بمقتضى الاستصحاب إنسان غير متصف بكونه مماثلاً أو محرماً نسبياً.
وهكذا الحال في جانب الرجل حينما يشكّ في المنظور إليه ، فإنه إنّما يشكّ في حدوث العنوان الوجودي المماثلة والمحرمية الخارج بالدليل من حرمة النظر لهذا المنظور المشكوك فيه ، فيستصحب عدمه ويحكم بالحرمة لا محالة.
هذا ولكن شيخنا الأُستاذ (قدس سره) أصرّ على عدم جواز إجراء الأصل في الأعدام الأزلية ، وملخّص ما أفاده (قدس سره) في هذا المقام هو :
إنّ الاستثناء يوجب تعنون المستثنى منه بعنوان لا محالة ، على ما تقدم توضيحه قريباً منّا حيث قلنا أنّ المستثنى منه يستحيل أن يبقى بعد الاستثناء على إطلاقه ، بل يتقيّد بغير المستثنى قهراً. وعليه فإن كان المستثنى عنواناً وجودياً كقولنا : يحرم النظر إلى المرأة إلّا المحارم كان القيد المأخوذ في المستثنى منه عنواناً عدميا ، فيكون الموضوع للحرمة هو المرأة المتصفة بعدم كونها من محارمه. وكلما كان الموضوع مركباً من جوهر وعرض كقولنا : إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء كان العرض نعتاً ووصفاً للموضوع لا محالة ، بحيث يكون الموضوع في المثال المتقدم هو الماء المتصف بالكرية لا الماء وذات الكرية أينما كانت ، فإنه ليس موضوعاً للحكم جزماً.