«فاعلول». واستدلّ على ذلك بجرّ النون ، قال الشاعر (١) :
طال همّي ، وبتّ كالمحزون |
|
واعترتني الهموم ، بالماطرون |
ووجه استدلاله بكسر النون ، على أنها أصل ، هو أنها لو جعلت زائدة لكانت الكلمة جمعا في الأصل سمّي به ، لأنّ المفردات لا يوجد في آخرها واو ونون زائدين. والجمع إذا سمّي به فله في التسمية طريقان : أحدهما أن تحكي فيه طريقته وقت أن كان جمعا ، فيكون في الرفع بالواو ، وفي النصب والخفض بالياء. والطريقة الأخرى أن تجعل الإعراب في النون ، وتقلب الواو ياء على كل حال ، فتقول : هذا زيدين ، ورأيت زيدينا ، ومررت بزيدين. فلمّا لم يجىء «الماطرون» على وجه من هذين الوجهين قضي عليه بأنه مفرد ، فوجب عليه جعل النون أصليّة.
وهذا لا دليل له فيه ، لأنّ أبا سعيد وغيره من النحويّين حكوا في التسمية وجهين ، غير هذين : أحدهما جعل الإعراب في النون ، وإبقاء الواو على كل حال. فيقولون : هذا ياسمون ، ورأيت ياسمونا ، ومررت بياسمون. فيكون «الماطرون» جمعا سمّي به ، على هذا الوجه. والوجه الآخر أن تكون النون مفتوحة في كلّ حال ، وقبلها الواو ، فيقال هذا ياسمون البرّ ، ورأيت ياسمون البرّ ، ومررت بياسمون البرّ. وقد جاء ذلك في «الماطرون». وعليه قوله (٢) :
ولها بالماطرون ، إذا |
|
أكل النّمل الذي جمعا |
وهذا ما يدلّ على أنه جمع محكيّة فيه حالة الرفع. إذا لو كان مفردا لأثّر فيه العامل ، إذ لا موجب لبنائه. على أنّ أبا سعيد السيرافيّ قال : أظنّها فارسيّة. فإذا كانت كذلك فلا حجّة فيها.
والقول في «الماجشون» (٣) كالقول في «الماطرون». وكذلك «سقلاطون» (٤) و «أطربون» (٥) وما كان نحو ذلك.
وأما «خرنباش» (٦) من قول الشاعر (٧) :
أتتنا رياح الغور من نحو أرضها |
|
بريح خرنباش الصّرائم والحقل |
فيمكن أن يكون في الأصل «خرنبشا» ، ثم أشبعت فتحته.
__________________
(١) مطلع قصيدة تنسب إلى أبي دهبل الجمحي وعبد الرحمن بن حسان. الخزانة ٣ : ٢٨٠ ـ ٢٨٢ ؛ والخصائص : ٣ : ٢١٦.
(٢)ينسب البيت إلى أبي دهبل الجمحي وللأحوص ، وليزيد بن معاوية. راجع : المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية ص ٥٠٧ ـ ٥٠٨.
(٣) الماجشون : ثياب مصبوغة.
(٤) السقلاطون : نوع من الثياب.
(٥) الأطربون : الرئيس عند الروم.
(٦) الخرنباش : نبات من رياحين البر طيب الرائحة.
(٧) البيت بلا نسبة في الخصائص ٣ : ٢١٧ ؛ والتاج (خربش).