أن تكون ممّا انقلبت عنه ألف «كلا» ، وهو الواو ، لأنّ الألف إذا جهل أصلها حملت على الواو ، لأنّه الأكثر. وأيضا فإنّ إبدال التاء من الواو أكثر من إبدالها من الياء.
وأبدلت باطراد ، من الواو في «افتعل» وما تصرّف منه ، إذا كانت فاؤه واوا ، نحو : «اتّعد» ، و «اتّزن» ، و «اتّلج» ، فهو «متّعد» ، و «متّزن» ، و «متّلج» ، و «يتّعد» ، و «يتّزن» ، و «يتّلج» ، و «اتعاد» ، و «اتزان» ، و «اتلاج». قال (١) :
فإن تتّعدني أتّعدك مواعدا |
|
وسوف أزيد الباقيات القوارصا |
وقال طرفة (٢).
فإنّ القوافي يتّلجن موالجا |
|
تضايق عنها أن تولّجها الإبر |
وقال سحيم (٣) :
وما دمية من دمى ميسنا |
|
ن معجبة نظرا واتصافا |
والسبب في قلب الواو في ذلك تاء أنّهم لو لم يفعلوا ذلك لوجب أن يقلبوها ياء ، إذا انكسر ما قبلها ، فيقولوا : «ايتعد» و «ايتزن» و «ايتلج» ، وإذا انضمّ ما قبلها ردّت للواو فيقولون : «موتعد» ، و «موتزن» ، و «موتلج» ، وإذا انفتح ما قبلها قلبت ألفا ، فيقولون :«ياتعد» ، و «ياتزن» ، و «ياتلج». فأبدلوا منها التاء ، لأنّها حرف جلد لا يتغيّر لما قبله ، وهي مع ذلك قريبة المخرج من الواو ، لأنّها من أصول الثنايا ، والواو من الشفة. ومن العرب من يجريها على القلب ولا يبدلها تاء. فهذا جميع ما أبدلت فيه الواو تاء.
وأبدلت من الياء ، على قياس ، في «افتعل» ، إذا كانت فاؤه ياء ، وفيما تصرّف منه. فقالوا في «افتعل» من «اليسر» : «اتّسر» ، ومن «اليبس» : «اتّبس». والعلّة في ذلك ما ذكرناه في الواو ، من عدم استقرار الفاء على صورة واحدة ، لأنك تقلبها واوا ، إذا انضمّ ما قبلها نحو : «موتسر» ، و «موتبس» ، وألفا متى انفتح ما قبلها في نحو : «ياتسر» و «يانبس». فأبدلوها تاء لذلك ، وأجروها مجرى الواو. ومن العرب من لا يبدلها تاء ، بل يجريها على القلب.
فإن قال قائل : فلأي شيء قلبت الياء في مثل «ياتسر» إذا انفتح ما قبلها؟ فالجواب أنّه لمّا وجب في حرف العلّة أن يكون على حسب ما قبله إذا انكسر أو انضمّ ، فتقول : «ايتبس» و «موتبس» ، حملوا الفتح على الكسر والضمّ ، فجعلوا حرف العلّة إذا كان ما قبله مفتوحا ألفا. فيكون موافقا للحركة التي تقدّمته ، كما كان ذلك في حين انكسار ما قبله وانضمامه. ولهذه العلّة بنفسها قلبت
__________________
(١) البيت للأعشى في ديوانه ص ٢٠١.
(٢) ديوانه ص ١٨٢.
(٣) ديوانه ص ٤٣.