قبلها ، نحو : «مير» و «أريد أن أقريك» ، على غير لزوم. وقد مضى السبب في ذلك في باب تخفيف الهمز.
وكذلك أيضا تبدل من الهمزة المضمومة المكسور ما قبلها ، عند الأخفش ، نحو : «يقريك» في «يقرئك» ، على غير لزوم أصلا. وقد تقدّم الدليل على بطلان هذا المذهب ، في باب تخفيف الهمز أيضا.
وتبدل منها أيضا إذا وقعت بعد ياء «فعيل» ونحوه ، ممّا زيدت فيه لمدّ ، وبعد ياء التحقير ، على غير لزوم. فيقولون في «خطيئة» : «خطيّة» ، وفي نسيء» : «نسيّ» ، وفي تحقير «أفؤس» : «أفيّس».
وإذا التقت همزتان ، وكانت الثانية متحرّكة بالكسر ، قلبت الثانية ياء على اللزوم ، نحو قولهم : «أيمّة» في جمع «إمام». أصله «أأممة» ، ثم أدغمت فقلت : «أئمّة» ، ثم أبدلت من الهمزة المكسورة ياء.
وتبدل أيضا من الهمزة الواقعة طرفا بعد ألف زائدة ، في التثنية ، في لغة لبعض بني فزارة. فيقولون في تثنية «كساء» و «رداء» : «كسايان» و «ردايان». حكى ذلك أبو زيد عنهم.
وأبدلت ، بغير اطّراد في «قرأت» و «بدأت» و «توضّأت» ، فقالوا «قريت» و «توضّيت» و «بديت». وعلى «بديت» جاء قول زهير (١) :
جريء ، متى يظلم يعاقب بظلمه |
|
سريعا ، وإلّا يبد بالظّلم يظلم |
فحذف الألف المنقلبة عن الياء المبدلة من الهمزة ، للجزم في «يبدى».
وقالوا في «واجىء» (٢) : «واج» ، فأبدل الهمزة ياء ، وأجراها مجرى الياء الأصليّة. الدليل على ذلك أنه جعلها وصلا لحركة الجيم ، في قوله (٣) :
وكنت أذلّ من وتد بقاع |
|
يشجّج رأسه ، بالفهر ، واجي |
وأجراها مجرى الياء الأصليّة ، في قوله قبل :
ولولاهم لكنت كحوت بحر |
|
هوى ، في مظلم الغمرات ، داجي |
ولو كانت الهمزة منويّة عنده لم يجز أن تكون الياء وصلا كما لا يجوز ذلك في الهمزة. ونحو من ذلك قول ابن هرمة (٤) :
إنّ السباع لتهدى في مرابضها |
|
والناس ليس بهاد شرّهم أبدا |
فأبدل الهمزة من «هادىء» ياء ضرورة. وجميع هذا لا يقاس عليه إلّا في ضرورة شعر.
__________________
(١) ديوانه ص ٢٤.
(٢) الواجىء : الضارب في أيّ موضع كان.
(٣) البيت لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت ، راجع الكتاب ٢ / ١٧٠ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٣٤١ ؛ والعقد الفريد ٦ / ١٤٨.
(٤) ديوانه ص ٩٧.