.................................................................................................
______________________________________________________
وأن الإمساك والتوطين متقاربان ، فان الإمساك متعدّ (١) فمعناه منع الإنسان نفسه عن المفطر ، ومعنى التوطين هو التقرير مع النفس أن لا يفعل كذا وكذا ، فهو مستلزم لمنعه وان لم يكن نفسه ، والمراد ذلك اللازم فيكون المقصود واحدا. وان المراد ليس معناهما الظاهر الذي هو متعد ومستلزم لصدور فعل في النهار حتى لا يقال : انه صائم الّا ان يمنع نفسه أو يوطّنها ، لعدم وجوب ذلك بالإجماع. ولهذا يصح الصوم مع الغفلة والنوم ، وكذا الكلام في الكف ونحوه.
بل المراد معناهما اللازم ، وهو عدم حصول المفطر على الوجه الشرعي ، فالتعريف بمثله أولى وأوضح.
وبالجملة التحقيق أن المراد بالنهي (٢) هو العدم والترك ، لا الكفّ كما قالوا وسموه تحقيقا (٣) ، لعدم إمكان التكليف بالعدم مع كون النهي تكليفا (٤).
إذ ليس في المنهيّات غير الترك مطلوبا ، لان مطلوب الشارع عدم وقوع هذا القبيح على اى وجه كان ، لا صدور فعل من النفس ، وهو الكف فيرجع النهي أيضا الى الأمر.
ولانه (٥) يلزم عدم امتثال نهى الشارع الّا لمن قصد كف نفسه عن المنهيّ عنه ويكون معاقبا بترك الكف مع تركه المنهي عنه دائما ، وهو باطل بالعقل والنقل ولهذا لم يعتبر في المنهيّات ، النيّة إجماعا.
__________________
(١) يعنى ان الإمساك ، من باب الافعال ، وهو متعدّ ، ولازمه وجود المفعول به ، وهو ليس الّا منع الصائم نفسه عن المفطرات ، وهو عبارة أخرى عن توطين النفس الذي هو أيضا متعدّ
(٢) يعني النهي عن الأكل وغيره من المفطرات
(٣) الظاهر انه تعليل لقوله قده : لما سموّه تحقيقا ، لا لقوله قده : ان المراد بالنهي هو العدم
(٤) تعليل لقوله قده : ان المراد هو العدم
(٥) وجه ثان لقوله : ان المراد هو العدم