أي : ولمّا أكن قبل ذلك بدءا ، أي سيّدا ، ولا يجوز وصلت إلى بغداد ولم. تريد : ولم أدخلها ، فأما قوله : [الكامل]
٣٣٩* ـ احفظ وديعتك التي استودعتها |
|
يوم الأعارب إن وصلت وإن لم |
فضرورة ، وعلّة هذه الأحكام كلّها أنّ لم لنفي فعل ، ولمّا لنفي قد فعل.
وقال ابن القوّاس في (شرح الدرّة) : لما تشارك لم في النفي والقلب ، وتفارقها من أربعة أوجه :
أحدها : أن لم لنفي الماضي مطلقا أي بغير قد ، ولما لنفي المقترن بقد.
والثاني : أنّ لم مفردة ولمّا مركّبة.
والثالث : أنّ لما قد يحذف الفعل بعدها ، ولا يحذف بعد لم إلا في الضرورة.
والرابع : أنّ لمّا تفيد اتصال النفي إلى زمن الإخبار بخلاف لم ، فإنّ النفي بها منقطع.
مهمة : القول في تخريج قوله تعالى (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ)
اضطرب النحويّون في تخريج قوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود : ١١١] في قراءة من شدّد ميم (لمّا) وشدّد إنّ أو خففها. فنقل صاحب كتاب (اللامات) (٢) عن المبرّد أنّه قال : هذا لحن ، لا تقول العرب : إن زيدا لمّا خارج. وقال المازنيّ : لا أدري ما وجه هذه القراءة. وقال الفرّاء : التقدير لمن ما ، فلمّا كثرت الميمات حذفت منهن واحدة ، فعلى هذا هي لام توكيد ، ويعني بكثرة الميمات أن نون من حين أدغمت في ميم ما انقلبت ميما بالإدغام ، فصارت ثلاث ميمات. وقال المازنيّ أيضا إن بمعنى ما ثم تثقل كما أن (أنّ) المؤكّدة تخفّف ومعناها الثقيلة ، انتهى.
قال أبو حيان : وارتباك النحويين في هذه القراءة وتلحين بعضهم لقارئها يدلّ على صعوبة المدرك فيها ، وتخريجها على القواعد النحوية. فأما التلحين فلا سبيل إليه البتّة لأنها منقولة نقل التواتر في السبعة.
__________________
٣٣٩ ـ الشاهد لإبراهيم بن هرمة في ديوانه (ص ١٩١) ، وخزانة الأدب (٩ / ١٠) ، والدرر (٥ / ٦٦) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٦٨٢) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٤٤٣) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (٤ / ٢٠٢) ، وجواهر الأدب (ص ٢٥٦) ، والجنى الداني (ص ٢٦٩) ، وشرح الأشموني (٣ / ٥٧٦) ، ومغني اللبيب (١ / ٢٨٠) ، وهمع الهوامع (٢ / ٥٦).
(١) انظر كتاب اللامات (ص ١١٧).