٤ ـ وأنّ الاستفهامية يحسن حذف مميّزها ، والخبرية لا يحسن حذف مميّزها.
٥ ـ وأنّ الاستفهامية يفصل بينها وبين مميزها ، ولا يحسن ذلك في الخبرية إلا في الشعر.
٦ ـ وأنّ الاستفهامية إذا أبدل منها جيء مع البدل بالهمزة ، نحو : كم مالك أعشرون أم ثلاثون؟ وكم درهما أخذت أثلاثين أم أربعين؟ ولا يفعل ذلك مع الخبرية لعدم دلالتها على الاستفهام ، نحو : كم غلمان عندي ثلاثون وأربعون وخمسون.
٧ ـ وأنّ الخبرية يعطف عليها ب (لا) ، فيقال : كم مالك لا مائة ولا مائتان ، وكم درهم عندي لا درهم ولا درهمان ، لأنّ المعنى كثير من المال ، وكثير من الدراهم لا هذا المقدار بل أكثر منه ، ولا يجوز في الاستفهامية ، كم درهما عندك لا ثلاثة ولا أربعة لأن (لا) لا يعطف بها إلّا بعد موجب ، لأنها تنفي عن الثاني ما ثبت للأول ولم يثبت شيء في الاستفهام.
٨ ـ وأنّ (إلا) إذا وقعت بعد الاستفهامية كان إعراب ما بعدها على حدّ إعراب كم من رفع أو نصب أو جرّ ، لأنه بدل منها لأنّ الاستفهام يبدل منه ، ويستفاد من إلا معنى التحقير والتقليل ، نحو : كم عطاؤك إلّا ألفان؟ وكم أعطيتني إلّا ألفين؟ وبكم أخذت ثوبك إلا درهم؟ وكم مالك درهما إلا عشرون؟ ولا يجوز أن يكون ما بعد إلا بدلا من خبركم ولا من مفسّرها لبيانهما ، بل يبدل من كم لإبهامها لإرادة إيضاحها بالبدل ، ولإفادته معنى التقليل كأنّ الاستفهام بمنزل النفي ، كقولك : هل الدنيا إلّا شيء فان؟ أي ما الدنيا ، وأما الخبرية فإنّ المستثنى بعدها منصوب لأنه استثناء من موجب ، ولا يجوز البدل في الموجب ، فيقال : كم غلمان جاؤوني إلّا زيدا.
وقال ابن هشام في (المغني) (١) : يفترقان في خمسة أمور :
أحدها : أن الكلام مع الخبرية محتمل للتصديق والتكذيب بخلافه مع الاستفهامية.
الثاني : أنّ المتكلّم بالخبرية لا يستدعي من مخاطبه جوابا ، لأنه مخبر والمتكلّم بالاستفهامية يستدعي ذلك لأنه مستخبر.
ثم ذكر ثلاثة مما تقدّم وهي : عدم اقتران المبدل من الخبرية بالهمزة ، وتمييزها بمفرد ومجموع ووجوب خفضه بخلاف الاستفهامية ، فتحصلنا من ذلك على عشرة فروق. وبها صرّح المهلّبيّ ، فقال : [البسيط]
__________________
(١) انظر مغني اللبيب (٢٠١).