يحتمل وجها رابعا ، وهو أن يخبر عنه لا به ، وسواء كان هذا القسم واقعا أم غير واقع ، بل سواء كان ممكن الوقوع أم محالا. إذ استحالة أحد الأقسام المحتملة لا تصير بها القسمة عند الإخلال به حاصرة.
وقال الشيخ جمال الدين بن هشام في (شرح اللّمحة) : هذا أفسد ما قيل في ذلك ، لأنها غير حاصرة.
ومنها قول بعضهم : إن العبارات بحسب المعبّر ، والمعبّر عنه من المعاني ثلاث : ذات ، وحدث عن ذات ، وواسطة بين الذات والحدث يدل على إثباته لها ، أو نفيه عنها. فالذات : الاسم ، والحدث : الفعل ، والواسطة : الحرف.
ومنها قول بعضهم : إن الكلمة إما أن تستقل بالدلالة على ما وضعت له ، أو لا تستقل ، غير المستقل الحرف ، والمستقل إما أن تشعر مع دلالتها على معناها بزمنه المحصل أو لا تشعر ، فإن لم تشعر فهي الاسم وإن أشعرت فهي الفعل.
ـ قال ابن أياز : وهذا الوجه أقوى لأنه يشتمل على التقسيم المتردّد بين النفي والإثبات.
ومنها قول بعضهم : إن الكلمة إما أن يصح إسنادها إلى غيرها أو لا ، إن لم يصحّ فهي الحرف ، وإن صح فإما أن تقترن بأحد الأزمنة الثلاثة أو لا ، إن اقترنت فهي الفعل وإلا فهي الاسم.
قال ابن هشام : وهذه أحسن الطرق. وهي أحسن من الطريقة التي في كلام ابن الحاجب (١) ، وهي أن الكلمة إما أن تدلّ على معنى في نفسها ، أو لا ، الثاني الحرف ، والأول إما أن تقترن بأحد الأزمنة الثلاثة ، أو لا ، الثاني الاسم ، والأوّل الفعل ، وذلك لسلامة الطريقة التي اخترناها من أمرين مشكلين اشتملت عليهما هذه الطريقة :
أحدهما : دعوى دلالة الاسم والفعل على معنى في نفس اللفظ ، وهذا يقتضي بظاهره قيام المسميات بالألفاظ الدالة عليها ، وذلك محال ، وهذا وإن كان جوابه ممكنا إلا أنه أقلّ ما فيه الإبهام.
والثاني : دعوى دلالة الحرف على معنى في غيره. وهذا ، وإن كان مشهورا بين النحويين إلا أن الشيخ بهاء الدين بن النحاس نازعهم في ذلك ، وزعم أنه دالّ على معنى في نفسه ، وتابعه أبو حيان (٢) في (شرح التسهيل).
__________________
(١) انظر الكافية (١ / ٧).
(٢) انظر شرح التسهيل (١ / ٥).