فمشت بنو النّضير إلى عبد الله بن أبيّ فقالوا : سل محمّدا أن لا ينقض شرطنا في هذا الحكم الّذي بيننا وبين بني قريظة في القتل.
فقال عبد الله بن أبيّ : ابعثوا معي رجلا يسمع كلامي وكلامه. فإن حكم لكم بما تريدون وإلّا فلا ترضوا به.
فبعثوا معه رجلا فجاء إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا رسول الله ، إنّ هؤلاء القوم قريظة والنّضير ، قد كتبوا بينهم كتابا وعهدا وثيقا تراضوا به ، والآن في قدومك يريدون نقضه ، وقد رضوا بحكمك فيهم فلا تنقض كتابهم عليهم وشرطهم. فإنّ بني النّضير لهم القوّة والسّلاح والكراع ونحن نخاف [الغوائل و] (١) الدّوائر.
فاغتمّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من ذلك (٢) ولم يجبه (٣) بشيء ، فنزل جبرئيل بهذه الآيات.
قال : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) ، يعني : عبد الله بن أبيّ وبني النّضير.
(وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا) ، يعني : عبد الله [بن أبيّ حيث] (٤) قال لبني النّضير : إن لم يحكم (٥) بما تريدون فلا تقبلوا.
وفي مجمع البيان (٦) : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : كان ذلك في أمر بني النّضير وبني قريظة.
(وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ) : اختباره.
(فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) : فلن تستطيع له من الله شيئا في دفعها.
(أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) : من العقوبات المترتّبة على الكفر ، كالختم والطّبع والضّيق.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) المصدر : فاغتمّ لذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بدل «فاغتمّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من ذلك».
(٣) المصدر : فلم يجبه.
(٤) من المصدر.
(٥) المصدر : لم يحكم لكم.
(٦) مجمع البيان ٢ / ١٩٦.