كلّ (١) من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر والأطراف والأعراب ، وتعلّمهم من معالم حجتهم مثل ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم ، وتوقفهم من ذلك على مثال الّذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلّغتهم من الشّرائع.
فنادى منادي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في النّاس : ألا إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يريد الحجّ ، وأن يعلّمكم من ذلك مثل الّذي علّمكم من شرائع دينكم ، ويوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه من غيره. فخرج [رسول الله] (٢) ـ صلّى الله عليه وآله ـ وخرج معه النّاس ، وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله ، فحجّ بهم. وبلغ من حجّ مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب ، سبعين ألف إنسان أو يزيدون ، على نحو عدد أصحاب موسى ـ عليه السّلام ـ السّبعين ألف الّذين أخذ عليهم بيعة هارون ـ عليه السّلام ـ فنكثوا واتّبعوا العجل والسّامريّ. وكذلك [أخذ] (٣) رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ البيعة (٤) لعليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ بالخلافة على عدد أصحاب موسى ـ عليه السّلام ـ فنكثوا البيعة واتّبعوا العجل [السّامريّ] (٥) سنّة بسنّة ، ومثلا بمثل. واتّصلت التّلبية ما بين مكّة والمدينة.
فلمّا وقف بالموقف أتاه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ عن الله ـ تعالى ـ فقال :
يا محمّد إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقرئك السّلام ، ويقول لك : إنّه قد دنا أجلك ومدّتك وأنا مستقدمك على ما لا بدّ منه ولا عنه محيص. فاعهد عهدك ، وقدّم وصيّتك ، واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسّلاح والتّابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء ـ عليهم السّلام ـ فسلّمها (٦) إلى وصيّك وخليفتك من بعدك حجّتي البالغة على خلقي عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ. فأقمه للنّاس علما. وجدّد عهده وميثاقه وبيعته. وذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الّذي واثقتهم به وعهدي الّذي
__________________
(١ و ٢) ليس في المصدر.
(٣) من المصدر.
(٤) النسخ : أخذ البيعة.
(٥) من المصدر.
(٦) المصدر : فسلّمه.