إنّه وارث كلّ علم ، والمحيط به. ألا إنّه المخبر عن ربّه ـ عزّ وجلّ ـ المنبّه بأمر إيمانه. ألا إنّه الرّشيد السّديد. ألا إنّه المفوّض إليه. ألا إنّه قد بشّر به من سلف بين يديه. ألا إنّه الباقي حجّة ولا حجّة بعده ، ولا حقّ إلّا معه ، ولا نور إلّا عنده. ألا إنّه لا غالب له ، ولا منصور عليه. ألا إنّه وليّ الله في أرضه ، وحكمه في خلقه ، وأمينه في سرّه وعلانيته.
معاشر النّاس ، قد بيّنت لكم وأفهمتكم ، وهذا عليّ يفهمكم بعدي. ألا وإنّي عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافحتي على بيعته والإقرار به ، ثمّ مصافحته من بعدي. ألا وإنّي قد بايعت الله ، وعليّ قد بايعني ، وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله ـ عزّ وجلّ ـ (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) (١) (الآية).
معاشر النّاس (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ) (٢) (مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ) (٣) (الآية).
معاشر النّاس ، حجوا البيت ، فما ورده أهل بيت (٤) إلّا استغنوا ، ولا تخلّفوا عنه إلّا افتقروا.
معاشر النّاس ، ما وقف بالموقف مؤمن إلّا غفر الله له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك ، فإذا انقضت حجّته استؤنف عمله.
معاشر النّاس ، الحجّاج معانون ونفقاتهم مختلفة ، والله لا يضيع أجر المحسنين.
معاشر النّاس ، حجّوا البيت بكمال الدّين والتّفقّه ، ولا تنصرفوا عن المشاهد إلّا بتوبة وإقلاع.
معاشر النّاس ، أقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة كما أمركم الله ـ عزّ وجلّ ـ لئن طال عليكم الأمد فقصّرتم أو نسيتم ، فعليّ وليّكم ومبيّن لكم. الّذي نصّبه الله ـ عزّ وجلّ ـ بعدي ، ومن خلّفه الله منّي وأنا منه ، يخبركم بما تسألون منه ويبيّن لكم ما لا تعلمون. ألا إنّ الحلال والحرام أكثر من أن أحصيهما أو أعرّفهما ، فآمر بالحلال وأنهى
__________________
(١) الفتح / ١٠.
(٢) المصدر والنسخ : المروة والعمرة.
(٣) البقرة / ١٥٨.
(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أهل البيت.