قالوا : يا رسول الله ، وما الثّقلان؟
فقال : كتاب الله وعترتي أهل بيتي. فإنّه قد نبّأني اللّطيف الخبير ، أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، كاصبعيّ هاتين ـ وجمع بين سبّابتيه ـ ولا أقول : كهاتين ـ وجمع بين سبّابته والوسطى ـ فيتفضّل هذه على هذه.
فاجتمع قوم من أصحابه وقالوا : يريد محمّد أن يجل الإمامة في أهل بيته. فخرج منهم أربعة نفر إلى مكّة ، ودخلوا الكعبة وتعاهدوا وتعاقدوا ، وكتبوا فيما بينهم كتابا :
إن أمات الله محمّدا أو قتله (١) ، أن لا يردّوا هذا الأمر في أهل بيته أبدا. فأنزل الله على نبيّه في ذلك (٢) : (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ). فخرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من مكّة يريد المدينة ، حتّى نزل منزلا يقال له : غدير خمّ. وقد علّم النّاس مناسكهم وأو عز إليهم وصيّته ، إذ أنزل الله عليه هذه الآية : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (الآية) فقام رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : تهديد ووعيد. فحمد الله (٣) وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أيّها النّاس ، هل تعلمون من وليّكم؟
قالوا : نعم والله ورسوله.
قال : ألستم تعلمون أنّي أولى بكم من أنفسكم؟
قالوا : بلى.
قال : اللهمّ أشهد. فأعاد ذلك عليهم ثلاثا. كلّ ذلك يقول مثل قوله الأوّل ، ويقول النّاس كذلك ، ويقول : اللهمّ اشهد.
ثمّ أخذ بيد أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فرفعه حتّى بدا للنّاس بياض إبطيه. ثمّ قال : ألا من كنت مولاه [فهذا عليّ مولاه.] (٤) اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأحبّ من أحبّه. ثمّ [رفع رأسه إلى السّماء] (٥)
__________________
(١) المصدر : «مات محمّد أو قتل» بدل «أمات الله محمدا أو قتله.»
(٢) الزخرف / ٧٩ ـ ٨٠.
(٣) المصدر : «بعد أن حمد الله» بدل «تهديد ووعيد فحمد الله.»
(٤ و ٥) ليس في أ.