فقال : اللهمّ أشهد عليهم ، وأنا من الشاهدين.
فاستفهمه عمر من بين أصحابه (١) ، فقال : يا رسول الله ، هذا من الله أو (٢) من رسوله؟
فقال رسول الله : نعم ، من الله ومن رسوله. إنّه أمير المؤمنين ، وإمام المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، يقعده الله يوم القيامة على الصّراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النّار.
فقال أصحابه الّذين ارتدّوا بعده : قد قال محمّد في مسجد الخيف ما قال وقال هاهنا ما قال. وإن رجع إلى المدينة يأخذنا بالبيعة له. فاجتمع أربعة عشر نفرا وتآمروا على قتل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقعدوا له في العقبة ـ وهي عقبة حرشي (٣) بين الجحفة والأبواء ـ فقعدوا ، سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها ، لينفّروا ناقة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فلما جنّ اللّيل تقدّم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في تلك اللّيلة العسكر فأقبل ينعس على ناقته ، فلمّا دنا من العقبة ناداه جبرئيل : يا محمّد ، إنّ فلانا وفلانا وفلانا (٤) قد قعدوا لك. فنظر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : من هذا خلفي؟
فقال حذيفة بن اليمان : أنا حذيفة بن اليمان ، يا رسول الله.
قال : سمعت ما سمعت؟
قال : بلى.
قال : فاكتم. ثمّ دنا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ منهم فناداهم بأسمائهم ، فلمّا سمعوا نداء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فرّوا ودخلوا في غمار النّاس ، وقد كانوا عقلوا رواحلهم فتركوها ، ولحق النّاس برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وطلبوهم ، وانتهى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى رواحلهم
__________________
(١) المصدر : فقام من بين أصحابه.
(٢) المصدر : «و» بدل «أو».
(٣) النسخ والمصدر : هرشي.
(٤) ليس في المصدر.