في تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : [كان سبب نزولها] (٢) أنّه لمّا اشتدّت قريش في أذى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأصحابه الّذين آمنوا به بمكّة قبل الهجرة ، أمرهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يخرجوا إلى الحبشة. وأمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم. فخرج جعفر ومعه سبعون رجلا من المسلمين ، حتّى ركبوا البحر. فلمّا بلغ قريشا (٣) خروجهم ، بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى النّجاشي ليردّهم (٤) إليهم. وكان عمرو وعمارة متعاديين ، فقالت قريش : كيف نبعث رجلين متعاديين؟ فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة وبرئت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص. فخرج عمارة وكان حسن الوجه شابّا مترفا ، فأخرج عمرو بن العاص أهله معه. فلمّا ركبوا السّفينة ، شربوا الخمر.
فقال عمارة لعمرو بن العاص : قل لأهلك تقبّلني.
فقال عمرو : أيجوز هذا ، سبحان الله؟ فسكت عمارة.
فلمّا انتشى (٥) عمرو وكان على صدر السّفينة دفعه عمارة وألقاه في البحر. فتشبّث عمرو بصدر السّفينة ، وأدركوه فأخرجوه. فوردوا على النّجاشيّ ، وقد كانوا حملوا إليه هدايا ، فقبلها منهم.
فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك ، إنّ قوما منّا خالفونا في ديننا وسبّوا آلهتنا وصاروا إليك ، فردّهم إلينا.
فبعث النّجاشي إلى جعفر فجاءه (٦) ، فقال : يا جعفر ، ما يقول هؤلاء؟
فقال جعفر : أيّها الملك ، وما يقولون؟
قال : يسألون أن أردّكم إليهم.
قال : أيّها الملك ، سلهم ، أعبيد نحن لهم؟
فقال : عمرو : لا ، بل أحرار كرام.
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ١٧٦.
(٢) ليس في أ.
(٣) المصدر : قريش.
(٤) روأ : يردّهم.
(٥) المصدر : انتشأ.
(٦) المصدر : فجاءوا به.