إطلاق الإيمان عليها خاصّة ، كما قال : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ..
والتّقوى المتقدّمة عليها ، هي تقوى الخاصّ. وأواخرها (١) ، تصديقات. كذلك مع إيقان كامل ومحبة كاملة لله ـ عزّ وجلّ ـ كما قال (٢) : (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) ويعبّر عنها تارة بالإحسان ، كما ورد في الحديث النّبويّ (٣) : الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه.
والأخرى بالإيقان ، كما قال (٤) : (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) ..
والتّقوى المقدّمة عليها ، هي تقوى خاصّ الخاصّ. وإنّما قدّمت التّقوى على الإيمان ، لأنّ الإيمان إنّما يتحصّل ويتقوّى بالتّقوى. لأنّها كلّما ازدادت ، ازداد الإيمان بحسب ازديادها. وهذا لا ينافي تقدّم أصل الإيمان على التّقوى ، بل ازديادها بحسب ازدياده ـ أيضا ـ لأنّ الدّرجة المتقدّمة لكلّ منها غير الدّرجة المتأخّرة. ومثل ذلك مثل من يمشي بسراج في ظلمة ، فكلّما أضاء له من الطّريق قطعة مشى فيها. فيصير ذلك المشي سببا لإضاءة قطعة أخرى منه ، وهكذا.
وفي الكافي (٥) [: يونس ، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : الحدّ في الخمر ، إن شرب قليلا أو كثيرا.
قال : ثمّ] (٦) قال : أتي عمر بقدامة بن مظعون ، وقد شرب الخمر ، وقامت عليه البيّنة. فسأل أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فأمره أن يجلد ثمانين.
فقال قدامة : يا أمير المؤمنين ، ليس عليّ حدّ. أنا من أهل هذه الآية (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) ..
قال : فقال عليّ ـ عليه السّلام ـ : لست من أهلها. إنّ طعام أهلها لهم حلال.
ليس يأكلون ولا يشربون إلّا ما أحلّه الله لهم. ثمّ قال عليّ ـ عليه السّلام ـ : إنّ الشّارب
__________________
(١) أ: آخرها.
(٢) المائدة / ٥٤.
(٣) مسند أحمد ٤ / ١٢٩.
(٤) البقرة / ٤.
(٥) الكافي ٧ / ٢١٥ ، ح ١٠.
(٦) ليس في أ. وفيه : «عن الصادق ـ عليه السّلام ـ» بدلا.