ومحمّد بن الحسين جميعا ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو ، عن عبد الحميد بن أبي الدّيلم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل.
يقول فيه حاكيا عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فذكر من فضل وصيّه ذكرا ، فوقع النّفاق في قلوبهم ، فعلم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ذلك وما يقولون. فقال الله ـ جلّ ذكره ـ : يا محمّد (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) لكنّهم يجحدون بغير حجّة لهم.
وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يتألّفهم ويستعين ببعضهم على بعض ، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيّه حتّى نزلت هذه السّورة. فاحتجّ عليهم حين أعلم بموته ، ونعيت إليه نفسه.
وفي روضة الكافي (١) : حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه عن ابن فضّال ، عن حفص المؤذّن ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في رسالة طويلة إلى أصحابه : إنّه لا يتمّ الأمر حتّى يدخل عليكم مثل الّذي دخل على الصّالحين قبلكم ، وحتّى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم ، وحتّى تسمعوا من أعداء الله أذى كثيرا فتصبروا وتعركوا بجنوبكم ، وحتّى يستذلّوكم ويبغضوكم ، وحتّى تحملوا الضّيم (٢) فتحتملوه (٣) منهم تلتمسون بذلك وجه الله والدّار الآخرة ، وحتّى تكظموا الغيظ الشّديد في الأذى في الله ـ جلّ وعزّ ـ يجترمونه إليكم ، وحتّى يكذّبوكم بالحقّ ويعادوكم فيه ويبغضوكم عليه فتصبروا على ذلك منهم. ومصداق ذلك كلّه في كتاب الله الّذي أنزله جبرئيل على نبيّكم ، سمعتم قول الله ـ عزّ وجلّ ـ لنبيّكم ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ).
ثمّ قال : وإن يكذبوك فقد (كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا) (٤). فقد كذّب نبيّ الله والرّسل من قبله «وأوذوا» مع التّكذيب بالحقّ.
__________________
(١) الكافي ٨ / ٤ ـ ٥ ، ضمن ح ١.
(٢) المصدر : تحملوا [عليكم] الضيم.
(٣) المصدر : فتحملوا.
(٤) الأنعام / ٣٤ : «ولقد كذّبت رسل» بدل «وإن يكذّبوك فقد كذّبت رسل».