وذلك من عظائم (١) رحمته ، وجلائل نعمته ، وفي السّخط على الكفّار وشدّة البطش بهم حين جروا على هذه المقالة. والقائلون ، هم اليهود وقريش. على ما في تفسير عليّ بن إبراهيم (٢).
قالوا ذلك ، مبالغة في إنكار إنزال القرآن. بدليل نقض كلامهم وإلزامهم بقوله (٣) : (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ).
وقرأ (٤) الجمهور في قوله : (تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً) : بالتّاء.
وإنّما قرأ ، بالياء ، ابن كثير وأبو عمرو حملا على «قالوا» ، «وما قدروا». وتضمين ذلك ، توبيخهم على سوء حملهم التّوراة (٥) ، وذمّهم على تجزئتها ، بابداء بعض انتخبوه وكتبوه في ورقات متفرّقة ، وإخفاء بعض لا يشتهونه.
نقل (٦) : أنّ مالك بن الصّيف قال (٧) لمّا أغضبه الرّسول ـ عليه السّلام ـ بقوله : أنشدك بالّذي أنزل التّوراة على موسى ، هل تجد فيها أنّ الله يبغض الحبر السّمين.
[قال : نعم. قال :] (٨) فأنت الحبر السّمين.
وقيل (٩) : هم المشركون. وإلزامهم بإنزال التّوراة ، لأنّه كان من المشهورات (١٠) الذائعة عندهم. ولذلك كانوا يقولون : لو أنّا أنزلنا عليك الكتاب ، لكنّا أهدى منهم.
وفي تفسير العيّاشي (١١) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن هذه الآية.
قال : كانوا يكتمون ما شاءوا ، ويبدون ما شاءوا.
وفي رواية [اخرى (١٢) عنه ـ عليه السّلام ـ قال] (١٣) : كانوا يكتبونه في القراطيس ، ثم
__________________
(١) كذا في «ج» و «ر» ، وفي سائر النسخ : عظيم.
(٢) تفسير القمي ١ / ٢١٠.
(٣) ليس في «ب».
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٣٢٠.
(٥) ج ور : للتوراة.
(٦) نفس المصدر ، والموضع.
(٧) المصدر وج ور : قاله.
(٨) من المصدر.
(٩) أنوار التنزيل ١ / ٣٢٠.
(١٠) «ج» : المشهودات.
(١١) تفسير العيّاشي ١ / ٣٦٩ ، ضمن ح ٥٨.
(١٢) نفس المصدر.
(١٣) من المصدر.