فوضعا القربان على الجبل ، فأتت النّار فأكلت قربان هابيل وتجنّبت قربان قابيل ، وكان آدم غائبا بمكّة خرج إليها ليزور البيت بأمر ربّه.
فقال قابيل : لا عشت يا هابيل في الدّنيا وقد تقبّل قربانك ولم يتقبّل قرباني ، وتريد أن تأخذ أختي الحسناء وآخذ أختك القبيحة.
فقال له هابيل ما حكاه الله ـ تعالى ـ فشدخه بحجر فقتله».
فمحمول على التّقية ، لأنّه موافق لمذاهب العامّة.
و [كذا ما روي] (١) في كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٢) ، بإسناده إلى محمّد بن الفضل (٣) ، عن أبي حمزة الثّماليّ ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال : لمّا أكل آدم من الشّجرة أهبط إلى الأرض فولد له هابيل وأخته توأم وولد له قابيل وأخته توأم ، ثمّ أنّ آدم أمر قابيل وهابيل أن يقرّبا قربانا وكان هابيل صاحب غنم وكان قابيل صاحب زرع ، فقرّب هابيل كبشا وقرّب قابيل من زرعه ما لم ينق ، وكان كبش هابيل من أفضل غنمه وكان زرع قابيل غير منقى ، فتقبّل قربان هابيل ولم يتقبّل قربان قابيل. وهو قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ) (الآية) وكان القربان إذا قبل تأكله النّار.
فعمد قابيل [إلى النّار] (٤) فبنى لها بيتا ـ وهو أوّل من بنى للنّار البيوت ـ وقال : لأعبدنّ هذه النّار حتّى يتقبّل قرباني. ثمّ أنّ عدوّ الله إبليس قال لقابيل : إنّه قد تقبّل قربان هابيل ولم يتقبّل قربانك ، وإن تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك. فقتله قابيل.
فلمّا رجع آدم ـ عليه السّلام ـ قال له : يا قابيل ، أين هابيل؟
فقال : ما أدري ، وما بعثتني راعيا له.
فانطلق آدم فوجد هابيل مقتولا فقال : لعنت من أرض كما قبلت دم هابيل.
فبكى آدم ـ عليه السّلام ـ على هابيل أربعين ليلة. ثمّ أنّ آدم ـ عليه السّلام ـ سأل ربّه
__________________
(١) ليس في روأ.
(٢) كمال الدين وتمام النعمة ١ / ٢١٣ ، ح ٢.
(٣) المصدر : محمد بن الفضيل.
(٤) من المصدر.