وقوله : «فأواري» عطف على «أكون» وليس جواب الاستفهام. إذ ليس المعنى هاهنا : لو عجزت لواريت.
وقرئ ، بالسّكون ، على معنى : فأنا أواري. أو على تسكين المنصوب ، تخفيفا (١).
وفي كتاب الخصال (٢) ، عن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال في حديث طويل له مع ملك الرّوم ، وقد سأله عن سبعة أشياء خلقها الله لم تخرج من رحم آدم وحوّاء : والغراب الّذي بعثه الله يبحث في الأرض.
(فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) (٣١) : على قتله. لما كابد به من التّخيّر في أمره ، وحمله على رقبته سنة أو أكثر على ما قيل ، وتلمذه للغراب ، واسوداد لونه ، وتبرّؤ أبويه منه ، وعدم الظّفر بما فعله لأجله.
في تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : حدّثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة الثّماليّ ، عن ثوير بن أبي فاختة قال : سمعت عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ يحدّث رجلا من قريش ، وذكر حتّى بلغ قوله : فلمّا قتله لم يدر ما يصنع به ، فجاء غرابان فأقبلا يتضاربان حتّى اقتتلا ، فقتل (٤) أحدهما صاحبه ، ثمّ حفر الّذي بقي الأرض بمخالبه ودفن فيها صاحبه. قال قابيل : (يا وَيْلَتى) (الآية) فحفر له حفيرة فدفنه فيها فصارت سنّة يدفنون الموتى. فرجع قابيل إلى أبيه فلم ير معه هابيل.
فقال له آدم : أين تركت ابني؟
قال له قابيل : أرسلتني عليه راعيا؟
فقال آدم : انطلق معي إلى مكان القربان. وأوجس قلب آدم بالّذي فعل قابيل ، فلما بلغ مكان القربان (٥) استبان قتله ، فلعن آدم الأرض الّتي قبلت دم هابيل
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٧٢.
(٢) الخصال ٢ / ٣٥٣ ، ح ٣٤ ، وفيه : عن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ عليهما السّلام ـ.
(٣) تفسير القمي ١ / ١٦٥ ـ ١٦٦.
(٤) المصدر : «قتل» بدل «اقتتلا فقتل».
(٥) المصدر : المكان القربان.