.................................................................................................
______________________________________________________
لا يتسع للخطبة وركعتين خفيفتين فقد فاتت الجمعة ويصلّي ظهراً ، ما نصّه : هذا بظاهره منافٍ لما سبق من أنه مَن تلبّس بالجمعة في الوقت يجب عليه إتمامها ، فإنّه يقتضي بإطلاقه جواز الشروع فيها مع ضيق الوقت. واجيب عنه بأنّ الشروع فيها إنّما يشرع إذا ظنّ إدراك جميعها ، لأنّها لا يشرع فيها القضاء ، وإنّما وجب الإكمال مع التلبّس بها في الوقت للنهي عن إبطال العمل ، واورد عليه أنّ قوله عليهالسلام : «من أدرك من الوقت ركعة (١)» يعمّ الجميع. واجيب بأنّ هذا الحديث مقيّد بقيد يستفاد من خارج وهو كون الوقت صالحاً للفعل ، للقطع بأنّ ما لا يصلح للفعل يمتنع وقوعه فيه. وفيه نظر ، فإنّه إن اريد بصلاحيّة الوقت إمكان إيقاعه فيه فهو متحقّق فيه ، وإن اريد غير ذلك فلا دليل عليه ، انتهى (٢).
قلت : غرضه بذلك الردّ على المحقّق الثاني. وحاصل كلامه أنه قد قام الإجماع على أنّ الجمعة لا تقضى ، فلا يشرع فعل شيء منها خارج الوقت ، وإن قيل بأنّ من أدرك ركعة من الصلاة أدّاها ، فإنّ من المعلوم أنّها ليست أداءً حقيقةً بالمعنى المقابل للقضاء. ومن البيّن أنّ المصلّي إذا نواها وهو يعلم أنه لا يدرك منها في الوقت إلّا بعضها لا ينوي إيقاعها في وقتها ، وهو بخلاف ما إذا لم يعلم بالحال فشرع فيها فانقضى الوقت فإنّه إنّما نوى إيقاعها في وقتها ، فلمّا انقضى قبل إتمامها لم يجب تجديد نيّة ولم يجز القطع.
وذلك لأنه قال ما نصّه : المراد بقوله : وإلّا سقطت ، أنه إذا لم يعلم إدراك جميع الصلاة مع الخطبتين مخفّفة تسقط الجمعة على معنى أنه يمتنع فعلها ويتعيّن فعل الظهر. وهو يصدق بصورتين : إحداهما ما إذا علم عدم الإدراك ، والثانية ما إذا شكّ في الإدراك وعدمه ، وينبغي في هذا أن يجب عليه فعل الجمعة ، لأصالة بقاء وقتها واستصحاب وجوب فعلها السابق. وأمّا الاولى فتحقيقها يبتني على أنّ التكليف بفعل يستدعي زماناً يسعه ، فإن عيّن الشارع الزمان اشترط فيه ما قلناه ، وحينئذٍ
__________________
(١) وسائل الشيعة : ب ٢٦ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح ٦ ج ٥ ص ٤١.
(٢) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٦.