سنة ست وعشرين وتسعمائة
يوم الجمعة (١) رابع ذي الحجة : توفي الشيخ الإمام العالم العلّامة شيخ الإسلام قاضي القضاة زين الدين الشيخ زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي القاهري الأزهري الشافعي ، ودفن بالقرافة بالقرب من الإمام الشافعي رحمهالله تعالى ، وحزن الناس عليه كثيرا لمحاسنه الشريفة الكثيرة ، وأوصافه وعلومه الشهيرة ، ورثاه جماعة من تلامذته بقصائد مطولات ومختصرات ، وكان مولده في سنة ست وعشرين وثمانمائة بسنيكة من الشرقية ، وقرأ واجتهد ودأب واشتغل بالّطلب عند علماء زمانه حتى فاق في جميع العلوم الظاهرة والباطنة ، ولم ينفك عن الاشتغال على طريقة جميلة من التّواضع ، وحسن العشرة والأدب ، والعفة والانجماع عن بني الدنيا مع التقلل وشرف النفس ومزيد العقل وسعة الباطن ، والاحتمال والمداراة إلى أن أذن له غير واحد من شيوخه في الإفتاء والإقراء ، وممن كتب له شيخ الإسلام ابن حجر ، ونّص كتابته على بعض الإجازات له : وأذنت له أن يقريء القرآن على الوجه الذي تلّقاه ، ويقرأ الفقه على النمط الذي نص عليه الإمام وارتضاه والله المسؤول أن يجعلني وإياه ممن يرجوه ويخشاه إلى أن نلقاه ، وكذا أذن له في إقراء شرح النّخبة وغيرها وتصدّى للتدّريس في حياة غير واحد من شيوخه ، وانتفع به الفضلاء طبقة بعد طبقة وشرح عدة كتب ، وله مصنفات عديدة
__________________
(١) النور السافر : ١١١ في حوادث سنة ٩٢٥. الضوء اللامع ٣ : ٢٣٤.