سنة ثماني عشرة وتسعمائة
فيها (١) يوم الأحد خامس شهر رمضان بعد العصر : توفي الشيخ الإمام العالم العلامة الولي الصالح الزاهد الورع الفقيه عفيف الدنيا والدين بركة الإسلام والمسلمين عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر بلحاج بافضل الحضرمي ثم الشحري ، وكان له مشهد عظيم ودفن في الشحر طرف البلد من جهة الشمال ، وهو من أول من دفن هناك ودفن الناس عنده الآن حتى صارت مقبرة كبيرة ، وقبره مشهور بها يزار ويتبرك به ، وكان رحمهالله تعالى أوحد وقته علما وعملا وورعا ، ولد سنة خمسين وثمانمائة وارتحل لطلب العلم إلى عدن وغيرها ، وأخذ عن الإمامين محمد بن أحمد بافضل ، وعبد الله بن أحمد بامخرمة ولازم الثّاني ، وتخرج وانتفع به كثيرا ، وأخذ أيضا عن قاضي القضاة برهان الدين بن ظهيرة القرشي ، وأبو الفتح المراغي وغيرهما ، ودأب في الطّلب وأكب على الاشتغال حتى برع وتميز واشتهر ذكره ، وبعد صيته وأثنى عليه الأئمة من مشايخه وغيرهم ، وكان شيخه الفقيه العلامة عبد الله بن أحمد بامخرمة كثير الثناء عليه ، ولعمري أنه كان بذلك حقيقا ، وبكل نعت حميدا خليقا ، لأنّه كان عالما عاملا فاضلا عابدا ناسكا ورعا زاهدا شريف النفس كريما سخيا مفضالا كثير الصّدقة حسن الطريقة ليّن الجانب صبورا على تعليم العلم متواضعا حسن الخلق ، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، وكانت له حرمة وافرة عند الملوك وغيرهم ،
__________________
(١) النور السافر : ٩٢. والنفحات المسكية : ٦١ (خ) ، والسناء الباهر : ١٤٤.