سنة ثلاث وتسعين
في شهر (١) ربيع الأول توفي الأستاذ قطب العارفين الشيخ محمد بن الشيخ أبي الحسن البكري رحمهالله تعالى ، وقد تقدم ذكر سلسلة نسبه إلى سيدنا أبي بكر الصديق رضياللهعنه في ترجمة والده ، وكان هذا الشيخ من آيات الله تعالى في الدرس والإملاء ، وكان [إذا تكلم] فيه تكلم بما يحيّر العقول ويذهل الأفكار بحيث لا يرتاب سامعه في إن ما يتكلم به ليس من جنس ما ينال بالكسب وربما كان يتكلم فيه بكلام لا يفهمه أحد من أهل مجلسه مع كونه كثير منهم أو أكثرهم على الغاية من التمكن في سائر مراتب العلوم الإسلامية والإحاطة بفنونها ، وكان إليه النهاية في العلم حتى كان بعض أئمة العلوم والمعارف هناك من افنى عمره في كتب العلوم الدينية والمعارف الربانية يقول : والله لا ندري من أين هذا الكلام الذي نسمعه من هذا الأستاذ ولا نعلم له أصلا يوخذ منه ، ولو لا العلم بسد باب النبوة لاستدلينا بما نسمعه منه على نبوته ، وأما مجالس التفسير وما يقرره فيها من المعاني الدقيقة والأبحاث الغامضة مع استيعاب (٢) أقوال أئمة التفسير من السلف والخلف وبيان أولاهما بالاعتماد عنده وذكر المناسبات بين السور والآيات وبين أسماء الذات المقدس والصّفات ومواضعها ، وما قاله أئمة الطريقه في كل آية من علوم الإشارة ، فإن القرآن نزل بها أيضا
__________________
(١) النور السافر : ٣٦٩. وانظر ترجمته في الأعلام ٧ : ٦٠.
(٢) هنا ينتهي النقص في الأم.