وأعرض عن القاصد وعن الإرسال إليهم بشيء ، بل كتب إلى ولده عبد الوهاب يأمره بتحيير الطعام لا يشحن في البحر إليهم إلى جهة الحجاز ، وأمره بأخذ حذره منهم بأن لا يخرج من زبيد وبنى المصريون بكمران حصارا (١) وجبانه وصلوا بها عيد الأضحى.
وفي أواخر القعدة : توجه السلطان عامر إلى ذمار من صنعاء ومنها إلى رداع العرش ، وعيد هناك عيد الأضحى ، وأمر بفك خاليه الشيخ محمد والشيخ إبراهيم ابني عامر بن طاهر ، وابن عم أبيه الشيخ عبد الباقي بن محمد بن طاهر ورضي عنهم وأنعم عليهم.
وفي منتصف الحجة : خربت قرية (٢) الحديدة وهرب أهلها منها ، وذلك لما حيّرت السفن عن الوصول بالطّعام إلى كمران ضاق المصريون من ذلك فأرسلوا غرابين أو ثلاثة يمتارون لهم طعاما من الحديدة ، فأرسل أهل الحديدة إلى الشيخ عبد الوهاب بن عامر بزبيد يعلمونه بذلك ، فأمدّهم بخيل ورجال ، فلما قدموا الحديدة طلبوا من أهلها سبرة (٣) أنفسهم وخيلهم ، فامتنعوا من ذلك وخرجوا من الحديدة مضمرين الخوف من المصريين ، وما سبب ذلك إلّا مطالبتهم بسبرة الخيل والجند ، فلما علموا المصريون بخلو (٤) الحديدة من أهلها سألوا ، أين توجّهوا ، فأخبروهم بالجهة التي نزلوا بها خارج البلدان ، فرموا إلى تلك الجهة مدفعا فيه حجر عظيم فوقع قريبا من عسكر الدولة ، ولم يغيّر على أحد منهم فزادهم ذلك رعبا وخوفا منهم ، ثم دخل المصريون الحديدة فلم يجدوا بها أحدا ، فأخذوا دروف (٥) بيوتها والأخشاب التي وجدها بالساحل وشحنوها في
__________________
(١) كذا في الأصل والقلائد ، والفضل المزيد : ٣٥٩ ط الدراسات.
(٢) في (س) قريرة.
(٣) الأصل : تسبره قلت : السبره بالباء المثناة من تحت : الميرة (محيط المحيط : ٤٤٥).
(٤) كذا في الأصل ، والفضل المزيد نجلو ، والقلائد وخلو قلت : نجلوا : هنا بمعنى انتقلو أو رحلوا.
(٥) الأصل. دروب والدروف. هي أبواب الطيقان.