يوم الجمعة ثامن عشر شهر ربيع الثّاني ورد الخبر بأن السلطان بدر انتظم الأمر بينه وبين أخيه السّلطان محمد ، وأظهر كل منهما الطاعة والإنقياد للآخر ، وطلب السّلطان محمد من أخيه [السلطان بدر](١) أن يجعل أمر الغيل إليه فأنعم له بذلك.
وفيها : في هذا الشهر وصل الخبر بأن مصطفى انتقل عن عدن وكان انتقالهم سابع عشر شهر ربيع الثاني ، وذلك بعد أن طلع منهم جماعة إلى ذراع البرج ، وبنوا على موضع منه شبه البرج من خشب وأعطال تراب وقابلوا البرج بالمدافع حتى هدموه ، ووقع بينهم وبين عسكر عدن قتال عظيم نحو أربعة أيام ، ونصر الله أهل عدن عليهم فهزموهم وأزاحوهم عن برجهم ، وقتل منهم جماعة ، وهلك منهم آخرون بالسقوط من الجبل ، وذلك بعد أن أيس أهل عدن أو كادوا ، وأيقنوا بالهلكة فنادى فيهم مناد الفرج : لا تيأسوا من روح الله انتهى كلام الفقيه عبد الله بن عمر بامخرمة.
وقال الفقيه عبد الله باسنجلة (٢) : وفيها اشتد حصار مصطفى على أهل عدن حتى أكلوا أهلها الميتة والأهرار والكلاب والعياذ بالله ، ورجع منه خائبا بعد أن أفنى أموالا عظيمة ، وجموعات من كل مكان ما اتفق لغيره جمعها ، ولكن الله غالب على أمره ، فرجع إلى زبيد فدخلها وحاله مضطرب من خوف الاستبداد بالأموال ، وإقدامه على قتل أمير زبيد وعظمائهم ، ولم يزل ذلك يتردد في خاطره ، ثم انه استخلف مكانه بزبيد اسكندر موز (٣) وبكمران النّاخوذ أحمد التركي وسار يريد الهند إنتهى ، قال الفقيه عبد الله بامخرمة : وفيها في شهر ذي الحجة تجهز مصطفى بيرم إلى الهند خوفا من مخدومه وانتقل من كمران يوم الحج وذلك بعد أن قرب عمارتها من مخدومه لأن صاحب جوّة تضرر بعمارتها بسبب الموسم ، ثم
__________________
(١) ساقط من (س).
(٢) النفحات المسكية ٢ : ١١٧.
(٣) في الأصول : مور بالمهملة وأصلحناه من البرق اليماني : ٥٦.