للقتال وأمسى أصحاب الشيخ ما بين جريح ومن الجوع طريح ، وكان صحبة الشيخ جملة أحمال زبيب ودقيق ، فأشار بعض أصحابه أن يعطى الجند منه القوت ليتقووا به على معاودة الحرب ، فلم يفعل ، ثم خرج المصريون صبح يوم الخميس ثاني الوقعة ، فكان بينه وبينهم وقعة أشد من الأولى ، وقاتل في اليومين المذكورين بنفسه ، وولده أحمد ، وولد خاله الشيخ محمد بن أحمد بن عامر ، وخواص عبيده كفرحان (١) وغيره ، ولم يثبت معه سواهم وأبلوا بلاء عظيما وأبانوا شجاعة لم يعهد مثلها ، ثم تخاذل بهم باقي العسكر ، وانكسروا في آخر ذلك اليوم ، والسلطان حينئذ في المعركة ، فلما رأى جيشه منهزمين ، رجع إلى المحطة ليحميها (٢) فوجد العسكر المصري قد هجمها ونهبوا جميع ما فيها من الأموال والذخائر السلطانية ، فجمع باقي العسكر ورجع من حيث جاء ، ولم يلحقه أحد من المصريين لاشتغالهم بالغنائم ، وسار السلطان إلى تعز ، فدخلها سادس عشر شوال ، وأقام بها إلى أن طلع عليه المصريون في أوائل السنة التي بعدها كما سيأتي.
وفيها (٣) : يوم الخميس الذي من شهر صفر ، توفي الفقيه العالم الكامل الفاضل جمال الدين محمد بن موسى بن عبد المنعم الضجاعي أحد المدرسين بزبيد ، ودفن بها ، وكان له مشهد عظيم.
وفي (٤) يوم عصر الثلاثاء خامس شعبان : توفي الفقيه العلامه الشيخ العامل الفاضل إبراهيم بن عبد الرحمن بن إسمعيل البرهان ، أبو الوفا بن الزين المقري الكركي الأصل القاهري المولد الدّار ، ويعرف بإبن الكركي توفي غريقا شهيدا في بركة الفيل تحت منزله بها ، وكان مولده وقت الزّوال
__________________
(١) في الأصل : كمرجان.
(٢) في الأصل : ليحملها.
(٣) النور السافر : ١٠٠. الفضل المزيد : ٢٧٩ ط الكويت.
(٤) النور السافر : ١٠١. وانظر ترجمته في شذرات الذهب ٨ : ١٠٢ والأعلام ١ : ٤٦.