٦٤٣ ـ محمد (١) بن أبي المعالي بن قايد ، أبو عبد الله.
من أهل أوانا ، أحد نواحي دجيل.
شيخ صالح له هناك رباط يجتمع به جماعة من الفقراء ويخلفهم بما يحضره. أضرّ في آخر عمره وأقعد أيضا ، فكان لا يستطيع القيام.
زرته في رباطه وجلست معه. وكان خيّرا موصوفا بالصّلاح وحسن الحال.
سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن الحسن المقرىء من أهل الدّور بدجيل يقول : حكى لنا محمد بن قايد أنّه ورد عليهم فقير غريب فكان عندهم إلى بعد صلاة المغرب ، وقدّم للجماعة طعام على عادة لهم بذلك ، فشرعوا في الأكل إلا الفقير الغريب الوارد عليهم فإنّه أبى ، فسألوه عن سبب تأبّيه ، فقال : إني أشتهي رطبا برنيا (٢) جنيا ولا آكل حتى يحضر ، وكان الوقت شتاء وأحد كانونين ، فضاق صدر كلّ واحد من الجماعة لتأخّره عنهم ، وأعلموني بذلك ، فقلت : كيف لنا برطب برنيّ جني في هذا الزّمان (٣)؟ وحملت كلامه على وجه الكراهية للأكل لا لطلب رطب ، لأنّه لا يوجد في مثل هذا الوقت ، وتمّم الجماعة أكلهم وصلّينا صلاة العشاء الآخرة والفقير معنا لم يذق لنا طعاما ، ودخلت منزلي ومضى من اللّيل قريب من ثلثه والفقير مع الجماعة في الرّباط ، ومنزلي بالرّباط ، وإذا باب الرّباط يدقّ ، فقيل : من ذا؟ فقال : رجل معه نذر نذره للشيخ. ففتح له ودخل وإذا معه طبق صغير فيه رطب برنيّ ، فعجب الجماعة من ذلك ، وأعلموني
__________________
(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٤ / ٥٨٥ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٢ ، وابن الساعي في أخبار الزهاد ، الورقة ٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٩٠ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١٩٥ ، والمشتبه ٥١٦ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٣٥٢ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٢٧٩ و ٦ / ١٤٧ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ٣ / ١٠٦٥ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٦٣.
(٢) البرني : من التمور الجيدة.
(٣) لأن الرطب ينتهي عادة في شهر تشرين الثاني.