وأحسن النّظر ودرّس بها الفقه والأصول والجدل بالمدرسة المعروفة بالبهائية قريبة من النّظامية. وكان يحضر درسه خلق من الفقهاء. وجلس بالمدرسة النّظامية ، وأعجب النّاس كلامه ، وكان المدرّس بها يومئذ أبو نصر أحمد بن عبد الله الشّاشي فكان إذا توسّط المجلس وقرئت بين يديه النّظائر يلتفت إلى موضع التّدريس وينشد معرّضا بما في نفسه من طلبه ومشيرا إليه قول المتنبي (١) :
بكيت يا ربع حتى كدت أبكيكا |
|
وجدت بي وبنفسي في مغانيكا |
فعم صباحا لقد هيّجت لي شجنا |
|
واردد تحّيتنا إنّا محيّوكا |
بأيّ صرف زمان صرت متخذا |
|
ريم الفلا بدلا من ريم أهليكا |
وذلك لما كان عنده من طلب التّدريس بالمدرسة النّظامية. ولعمري لقد كان أهلا لذلك ، وموعودا به لو بقي ولكن أصابته عين الكمال فشوّشت عليه الأحوال ، واخترمته المنيّة قبل بلوغ الأمنية ، وفي طبع الزّمان على الأماني وصاحبها التّمتع والإباء ، فتوفي بين الظّهر والعصر من يوم الخميس السادس عشر من شهر رمضان سنة سبع وستين وخمس مئة ، وصلّي عليه يوم الجمعة السابع عشر منه بجامع القصر الشّريف ، وحضر خلق من الأعيان والأماثل ، ودفن بباب أبرز بتربة الشيخ أبي إسحاق الشّيرازي رضياللهعنه.
ويقال : مولده يوم الثّلاثاء خامس عشري ذي القعدة سنة سبع عشرة وخمس مئة بطوس ، وقد حدّث بدمشق بشيء من مسموعاته وأملى. فأما ببغداد فما علمت أنّه حدّث بشيء إلا أن يكون شيء في مجالس وعظه.
٤٥١ ـ محمد (٢) بن محمد بن فارس ، أبو بكر المعروف بابن الشاروق.
من أهل الحريم الطاهري.
كان أحد القرّاء الموصوفين بحسن القراءة وجودة الأداء وملاحة الصّوت.
__________________
(١) ينظر ديوانه ٥٥.
(٢) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١١٧ ، وترجمه في تاريخ الإسلام ١٢ / ٤٤٥.