تكون لها غلة ، وأن تحبس عليه ، وكتب اسمه في أصحاب الجرايات وقال : أنا قتلت أباه لأنّ الغني يحتاج إلى تدريج وإلّا قتل صاحبه ، هذا كان يجب أن يدفع إليه دينارا بعد دينار حتى تأتيه هذه الحملة على تفرقة فلا تكثر في عينه.
وقال القاضي الفاضل عبد الرحيم البيسانيّ رحمهالله في تعلق المتجدّدات لسنة سبع وسبعين وخمسمائة ، وفيه يعني يوم الثلاثاء لست بقين من المحرّم ، ركب السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب أعز الله نصره لمشاهدة ساحل النيل ، وكان قد انحسر وتشمر عن المقس وما يليه ، وبعد عن السور والقلعة المستجدّين بالمقس ، وأحضر أرباب الخبرة واستشارهم ، فأشير عليه بإقامة الجراريف لرفع الرمال التي قد عارضت جزائرها طريق الماء وسدّته ووقفت فيه ، وكان الأفضل بن أمير الجيوش لما تربى قدّام دار الملك جزيرة رمل كما هي اليوم ، أراد أن يقرب البحر وينقل الجزيرة ، فأشير عليه بأن يبني مما يلي الجزيرة أنفا خارجا في البحر ليلقى التيار وينقل الرمل ، فعسر هذا وعظمت غرامته ، فأشار عليه ابن سيد بأن يأخذ قصاري فخار تثقب ويعمل تحتها رؤوس برابخ وتلطخ بالزفت وتكبّ القصاري عليها وتدفن في الرمل ، فإذا أراد النيل وركبها ، نزل من خروق القصاري إلى الرءوس ، فأدارها الماء ومنعتها القصاري أن تنحدر ، ودامت حركة الرمل بتحريك الماء للرؤوس ، فانتقل الرمل ، وذكر أنّ للزفت خاصية في تحويل الرمل قال : وفي هذا الوقت احترق النيل وصار البحر مخايض يقطعها الراجل ، وتوحل فيه المراكب ، وتشمر الماء عن ساحل المقس ومصر ، وربّى جزائر رملية أشفق منها على المقياس لئلا يتقلص النيل عنه ، ويحتاج إلى عمل غيره ، وخشي منها أيضا على ساحل المقس لكون بنيان السور كان اتصل بالماء ، وقد تباعد الآن عن السور ، وصار المدّقوّته من برّ الغرب ، ووقع النظر في إقامة جراريف لقطع الجزائر التي رباها البحر ، وعمر أنوف خارجة في بر الجيزة ليميل بها الماء إلى هذا الجانب ، ولم يتم شيء من ذلك.
وقال ابن المتوّج في سنة خمسين وستمائة : انتهى النيل في احتراقه إلى أربعة أذرع وسبعة عشر أصبعا ، وانتهى في زيادته إلى ثمانية عشر ذراعا ، وكان مثل ذلك في دولة الملك الأشرف خليل بن قلاون ، وكان نيلا عظيما سدّ فيه باب المقس ، يعني الباب الذي يعرف اليوم بباب البحر عند المقس ، وفي سنة اثنتين وستين وستمائة أحضر إلى الملك الظاهر بيبرس طفل وجد ميتا بساحل المقس ، له رأسان وأربعة أعين وأربعة أرجل وأربعة أيد ، وأخبرني وكيل أبي الشيخ المعمر حسام الدين حسن بن عمر السهرورديّ رحمهالله ، ومولده سنة اثنتين وسبعمائة بالمقس ، أنه يعرف باب البحر هذا ، إذا خرج منه الإنسان فإنه يرى برّ الجيزة ، لا يحول بينه وبينها حائل ، فإذا زاد ماء النيل صار الماء عند الوكالة التي هي الآن خارج باب البحر المعروفة بوكالة الجبن ، وإذا كان أيام احتراق النيل بقيت الرمال تجاه باب البحر ، وذلك قبل أن يحفر الملك الناصر محمد بن قلاون الخليج الناصريّ ، فلما حفر