طائرا ولعمل المأمونية رطلين ونصفا من السكر ، وما يعمل برسم الجمدارية فإنه بعسل النحل.
ذكر العلامة السلطانية
قد جرت العادة أن السلطان يكتب خطه على كل ما يأمر به ، فأمّا مناشير الأمراء والجند وكلّ من له إقطاع فإنه يكتب عليه علامته ، وكتبها الملك الناصر محمد بن قلاون ، الله أملي ، وعمل ذلك الملوك بعده إلى اليوم ، وأما تقاليد النوّاب ، وتواقيع أرباب المناصب من القضاة والوزراء والكتاب ، وبقية أرباب الوظائف ، وتواقيع أرباب الرواتب والإطلاقات ، فإنه يكتب عليها اسمه واسم أبيه إن كان أبوه ملكا ، فيكتب مثلا محمد بن قلاون ، أو شعبان بن حسين ، أو فرج بن برقوق ، وإن لم يكن أبوه ممن تسلطن كبرقوق أو شيخ ، فإنه يكتب اسمه فقط ، ومثاله برقوق ، أو شيخ. وأما كتب البريد وخلاص الحقوق والظلامات ، فإنه يكتب أيضا عليها اسمه ، وربما كرّم المكتوب إليه فكتب إليه أخوه فلان ، أو والده فلان ، وأخوه يكتب للأكابر من أرباب الرتب والذي يعلم عليه السلطان ، أما إقطاع فالرسم فيه أن يقال خرج الأمر الشريف ، وأما وظائف ورواتب وإطلاقات ، فالرسم في ذلك أن يقال رسم بالأمر الشريف ، وأعلى ما يعلم عليه ما افتتح بخطبة أولها الحمد لله ، ثم ما افتتح بخطبة أوّلها أما بعد حمد الله ، حتى يأتي على خرج الأمر في المناشير ، أو رسم بالأمر في التواقيع ، ثم بعد هذا أنزل الرتب ، وهو أن يفتتح في المناشير ، خرج الأمر وفي التواقيع رسم بالأمر ، وتمتاز المناشير المفتتح فيها بالحمد لله. أوّل الخطبة ، أن تطغر بالسواد وتتضمن اسم السلطان وألقابه ، وقد بطلت الطغرافي وقتنا هذا ، وكانت العادة أن يطالع نوّاب المملكة السلطان بما يتجدّد عندهم تارة على أيدي البريدية ، وتارة على أجنحة الحمام ، فتعود إليهم الأجوبة السلطانية وعليها العلامة ، فإذا ورد البريديّ أحضره أمير جاندار ، وهو من أمراء الألوف ، والدوادار وكاتب السرّ بين يدي السلطان ، فيقبّل البريديّ الأرض ، ويأخذ الدوادار الكتاب فيمسحه بوجه البريدي ، ثم يناول للسلطان فيفتحه ، ويجلس حينئذ كاتب السرّ ويقرأ على السلطان سرّا ، فإن كان أحد من الأمراء حاضرا تنحى حتى يفرغ من القراءة ، ويأمر السلطان فيه بأمر ، وإن كان الخبر على أجنحة الحمام ، فإنه يكتب في ورق صغير خفيف ويحمل على الحمام الأزرق ، وكان لحمام الرسائل مراكز كما كان للبريد مراكز ، وكان بين كلّ مركزين من البريد أميال ، وفي كلّ مركز عدّة خيول كما بيناه في ذكر الطريق فيما بين مصر والشام ، وكانت مراكز الحمام كلّ مركز منها ثلاثة مراكز من مراكز البريد ، فلا يتعدّى الحمام ذلك المركز ، وينقل عند نزوله المركز على ما على جناحه إلى طائر حتى يسقط بقلعة الجبل ، فيحضره البرّاج ، ويقرأ كاتب السرّ البطاقة ، وكلّ هذا مما يعلم عليه بالقصر ، ومما كان يحضر إلى القصر بالقلعة في كلّ يوم ورقة الصباح ، يرفعها والى القاهرة ووالي مصر ، وتشتمل على إنهاء ما تجدّد في كل يوم وليلة بحارات البلدين وأخطاطهما من حريق أو قتل قتيل أو سرقة سارق ونحو ذلك ، ليأمر السلطان فيه بأمره.