فيه ، من باب القنطرة إلى باب سعادة ، ويقال لهذا الشارع بين السورين ، تسمية للعّامة بها فاشتهر بذلك ، وكان في القديم بهذا الخط البستان الكافوري ، يشرف عليه بحده الغربي ثمة مناظر اللؤلؤة ، وقد بقيت منها عقود مبنية بالآجر ، يمرّ السالك في هذا الشارع من تحتها ، ثم مناظر دار الذهب ، وموضعها الآن دار تعرف بدار بهادر الأعسر ، وعلى بابها بئر يستقي منها الماء في حوض يشرب منه الدواب ، ويجاورها قبو معقود يعرف بقبو الذهب ، وهو من بقية مناظر دار الذهب ، وبحدّ دار الذهب منظرة الغزالة ، وهي بجوار قنطرة الموسكي ، وقد بني في مكانها ربع يعرف إلى اليوم بربع غزالة ، ودار ابن قرفة ، وقد صار موضعها جامع ابن المغربي ، وحمام ابن قرفة ، وبقي منها البئر التي يستقي منها إلى اليوم بحمام السلطان ، وعدّة دور كلها فيما يلي شقة القاهرة من صف باب الخوخة ، وكان ما بين المناظر والخليج براحا ، ولم يكن شيء من هذه العمائر التي بحافة الخليج اليوم البتة ، وكان الحاكم بأمر الله في سنة إحدى وأربعمائة منع من الركوب في المراكب بالخليج ، وسدّ أبواب القاهرة التي تلي الخليج ، وأبواب الدور التي هناك ، والطاقات المطلة عليه على ما حكاه المسبحيّ.
وقال ابن المأمون في حوادث سنة ست عشرة وخمسمائة ، ولما وقع الاهتمام بسكن اللؤلؤة والمقام بها مدّة النيل على الحكم الأوّل ، يعني قبل أيام أمير الجيوش بدر وابنه الأفضل ، وإزالة ما لم تكن العادة جارية عليه من مضايقة اللؤلؤة بالبناء ، وأنها صارت حارات تعرف بالفرحية والسودان وغيرهما ، أمر حسام الملك متولي بابه بإحضار عرفاء الفرحية والإنكار عليهم في تجاسرهم على ما استجدّوه وأقدموا عليه ، فاعتذروا بكثرة الرجال وضيق الأمكنة عليهم ، فبنوا لهم قبابا يسيرة ، فتقدّم يعني أمر الوزير المأمون إلى متولي الباب بالإنعام عليهم وعلى جميع من بنى في هذه الحارة بثلاثة آلاف درهم ، وأن يقسم بينهم بالسوية ، ويأمرهم بنقل قسمهم ، وأن يبنو لهم حارة قبالة بستان الوزير ، يعني ابن المغربيّ ، خارج الباب الجديد من الشارع ، خارج باب زويلة.
قال : وتحوّل الخليفة إلى اللؤلؤة بحاشيته ، وأطلقت التوسعة في كل يوم لما يخص الخاص والجهات والأستاذين من جميع الأصناف ، وانضاف إليها ما يطلق كل ليلة عينا وورقا وأطعمة للبائتين بالنوبة برسم الحرس بالنهار والسهر في طول الليل ، من باب قنطرة بهادر إلى مسجد الليمونة من البرين ، من صبيان الخاص والركاب والرهجية والسودان والحجاب ، كل طائفة بنقيبها ، والعرض من متولي الباب واقع بالعدة في طرفي كل ليلة ، ولا يمكن بعضهم بعضا من المنام والرهجية تخدم على الدوام.
خط الكافوري : هذا الخط كان بستانا من قبل بناء القاهرة وتملك الدولة الفاطمية لديار مصر ، أنشأه الأمير أبو بكر محمد بن طفج بن جف ، الملقب بالإخشيد ، وكان بجانبه ميدان فيه الخيول ، وله أبواب من حديد ، فلما قدم جوهر القائد إلى مصر ، جعل هذا