ونابلس وتبنين وصرخد وصيدا وبيروت وجبيل ، وأنقذ من هذه البلاد زيادة على عشرين ألف أسير مسلم كانوا في أسر الفرنج ، وأسر من الفرنج مائة ألف إنسان ، ثم ملك منهم الرملة وبلد الخليل عليهالسلام وبيت لحم من القدس ومدينة عسقلان ومدينة غزة وبيت جبريل ، ثم فتح بيت المقدس (١) في يوم الجمعة سابع عشري رجب وأخرج منه ستين ألفا من الفرنج بعد ما أسر ستة عشر ألفا ما بين ذكر وأنثى ، وقبض من مال المفاداة ثلاثمائة ألف دينار مصرية ، وأقام الجمعة بالأقصى وبنى بالقدس مدرسة للشافعية ، وقرّر على من يرد كنيسة قمامة (٢) من الفرنج قطيعة يؤديها ، ثم نازل عكا وصور ونازل في سنة أربع وثمانين حصن كوكب ، وندب العساكر إلى صفد والكرك والشوبك.
وعاد إلى دمشق فدخلها سادس ربيع الأوّل وقد غاب عنها في هذه الغزوة أربعة عشر شهرا وخمسة أيام ، ثم خرج منها بعد خمسة أيام فشنّ الغارات على الفرنج وأخذ منهم أنطرسوس (٣) وخرّب سورها وحرّقها وأخذ جبلة واللاذقية وصهيون والشغر وبكاس وبقراص ، ثم عاد إلى دمشق آخر شعبان بعد ما دخل حلب ، فملكت عساكره الكرك والشوبك والسلع في شهر رمضان ، وخرج بنفسه إلى صفد وملكها من الفرنج في رابع عشر شوّال ، وملك كوكب في نصف ذي القعدة وسار إلى القدس ، ومضى بعد النحر إلى عسقلان ونزل بعكا وعاد إلى دمشق أوّل صفر سنة خمس وثمانين ، ثم سار منها في ثالث ربيع الأوّل ونازل شقيف أرنون وحارب الفرنج حروبا كثيرة ، ومضى إلى عكا وقد نزل الفرنج عليها وحصروا من بها من المسلمين ، فنزل بمرج عكا وقاتل الفرنج من أوّل شعبان حتى انقضت السنة.
وقد خرج الألمان من قسطنطينية في زيادة ألف ألف يريد بلاد الإسلام ، فاشتدّ الأمر ودخلت سنة ست وثمانين والسلطان بالخرّوبة على حصار الفرنج ، والإمداد تصل إليه ، وقدم الألمان طرسوس يريد بيت المقدس ، فخرّب السلطان سور طبرية ويافا وأرسوف وقيسارية وصيدا وجبيل ، وقوي الفرنج بقدوم ابن الألمان إليهم تقوية لهم ، وقد مات أبوه بطرسوس وملك بعده ، فقدّر الله تعالى موته أيضا على عكا ، ودخلت سنة سبع وثمانين ، فملك الفرنج عكا في سابع عشر جمادى الآخرة وأسروا من بها من المسلمين وحاربوا السلطان وقتلوا جميع من أسروه من المسلمين وساروا إلى عسقلان فرحل السلطان في أثرهم وواقعهم بأرسوف ، فانهزم من معه وهو ثابت حتى عادوا إليه ، فقاتل الفرنج وسبقهم إلى عسقلان وخرّبها ، ثم مضى إلى الرملة وخرّب حصنها وخرّب كنيسة له ودخل القدس
__________________
(١) انظر النجوم الزاهرة ج ٦ ص ٣٢.
(٢) كنيسة القيامة.
(٣) أنظر سوس : بلد من سواحل الشام ، وهي آخر أعمال دمشق من البلاد الساحلية وأول أعمال حمص.