ومنه حديث معاوية رضي الله عنه ، دخل عليه الضّحاك بن قيس ، فقال معاوية :
تطاولت للضّحاك حتى ردَدْته |
|
إلى حَسَبٍ في قومه مُتَقَاصِر |
فقال الضحّاك : قد علم قومنا أنّا أَحْلَاسُ الخيل ، فقال : صدقت ، أنتم أَحْلَاسها ونحن فُرْسانها!.
أراد أنتم رَاضَتُها وسَاسَتُها ، فتلزمون ظهورَها أبداً ؛ ونحن أهلُ الفروسية. ويحتمل أن يذهبَ بالأحلاس إلى الأكسية ، ويريد أنكم بمنزلتها في الضّعَة والذِّلة ، كما يقال للمستضعف : بَرْدَعة ووَلِيّة.
[حل] (*) : لا يَمُوتُ لمؤمنٍ ثلاثة أولاد فتمسُّه النار إلا تَحِلَّةَ القَسَم.
مثلٌ في القليل المُفْرِط القِلَّةِ ، وهو أن يُبَاشِرَ من الفعل الذي يُقْسِم عليه المقدارَ الذي يُبِرُّ به قَسَمَه ويُحَلِّله ، مثل أن يحلف على النزول بمكانٍ ، فلو وَقَع به وَقْعَةً خفيفة فتلك تَحِلّةُ قَسَمِه. قال ذو الرمة :
طَوَى طيَّة فَوْقَ الكرى جَفْن عَيْنِه |
|
على رَهباتٍ منْ حَنَانِ المُحَاذرِ (١) |
قليلاً كَتَحْليل الأُلَى ثم قلَّصت |
|
به شيمةٌ رَوْعاء تَقْلِيصَ طَائِرِ |
والمعنى : لا تمسه النار إلا مَسَّةً يَسيرة مثل تحليل قَسَم الحالف ، ويحتمل أن يُرَاد بالقسم قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) [مريم : ٧١]. لأنَّ ما حتَّمَهُ الربُّ على نَفْسه جارٍ في التأكيد مَجْرى المُقْسَم عليه ، ويعني بتحلَّتِه الوُرُود والاجْتِيَاز.
[حلق] : لَعَنَ من النساء الحالقةَ والسالِقة والخَارِقة والمُنْتَهِشَة والمُمْتَهِشَة.
الحَالِقة : التي تَحْلِقُ شَعْرَها.
السالقة : التي تصرخ عند المصيبة ، والسَّلْق والصَّلْق : الصوت الشديد.
الخارِقة : التي تخرق ثوبها.
المُنْتَهِشَة : التي تَخْمِش وَجْهَها ، وتأخذ لحمه بأَظْفَارِها ، من قولهم : انْتَهَشَه الذّئب والكَلْبُ والحيَّة ، وهي عضَّة سريعة لها مشقة.
__________________
(*) [حلّ] : ومنه في حديث عائشة : قالت : طيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله وحرمه. ومنه حديث دريد بن الصمة : أنت مُحِلٌّ بقومك. وفي حديث العمرة : حلَّت العمرة لمن اعتمر. وفي حديث أبي قتادة: ثم ترك فتحلّل. وفي حديث بعض الصحابة : لا أوتى بحال ومحلَّل إلا رجمتهما. ومنه الحديث : أن تزاني حليلة جارك. ومنه : خير الكفن الحُلَّة. النهاية ١ / ٤٢٨ ، ٤٢٩ ، ٤٣٠ ، ٤٣١.
(١) البيتان في ديوان ذي الرمة ص ٢٩٤.