الصحيحة لكي لا تكون فيه اساءة لمقام المعصومين ومنزلة أهل بيت العصمة.
بقي الإمام السجاد عليهالسلام يبكي عشرين سنة لذكر مصيبة عاشوراء ويقول : «إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلّا خنقتني لذلك عبرة» (١) ، بمعنى انّ ذكر تلك الواقعة ، والحديث عن تلك المظلوميّة يكفي لابكاء المستعين ولا حاجة لخلط الذكر بالأكاذيب والروايات التي لا أساس لها من الصحّة.
انّ ذكر المصيبة يؤدّي إلى تكريس مفهوم ثورة الحسين ، وإلى توطيد الصلة القلبية والعاطفية للشيعة مع سيّد الشهداء. ويفشل مخطط الأعداء في محو آثار جريمتهم ، وينشأ عنها مجتمع يناصر أهل البيت ويخاصم الظالمين (٢) ومن الطبيعي ان يكون الخطباء والقرّاء أهلا لهذا الموقع الحساس ، يبدون الدقّة الكافية في محتوى المراثي التي يلقونها ويلتزمون بنصائح الأكابر بشأن هذه المهمّة.
ـ المقتل ، البكاء ، آداب الوعظ والمنبر ، الذاكر
ذكرى يحيى :
ثمّة أوجه شبه بين شهادة الإمام الحسين عليهالسلام وشهادة بعض الأنبياء ، ومن جملة ذلك الشبه بين مقتله ومقتل النبي يحيى بن زكريا ، فرأس يحيى قد وضع في طشت من الذهب وارسل إلى امرأة بغي (٣) ، وكذلك رأس الإمام الحسين عليهالسلام ارسل بعد مقتله إلى ابن زياد وإلى يزيد بطشت من ذهب.
وقد انتقم الله لدم يحيى ان سلط على اولئك القوم «نبوخذنصر» فقتل منهم سبعين ألفا (٤) ، وأوحى الله تعالى إلى النبي محمد صلىاللهعليهوآله : انني قتلت في مقابل قتل يحيى سبعين الفا ، وسأقتل لقاء قتل ابن بنتك ضعف هذا
__________________
(١) بحار الانوار ٤٥ : ١٠٩.
(٢) بحار الانوار ٤٤ : ٢٧٨.
(٣) بحار الانوار ٤٥ : ٢٩٩.
(٤) نفس المصدر.