طريق الحرية تقدّم الكثير من الشهداء على مذبح الحرية. واذا لم تكن هناك فئة مستعدة للتضحية فلن يتسنّى لها بلوغ هدفها. ومن الطبيعي انّ الحقيقة والدين والحياة الكريمة على درجة من الرفعة والسمو بحيث تستحق أن تقدّم لها قرابين من أمثال الحسين عليهالسلام. ومن خلال إدراك عظمة الضحية يمكن ان تستشف عظمة الشيء الذي يضحّي من أجله شخص كالحسين ، واثنان وسبعون شخصا جليلا.
ـ الشهادة ، كربلاء ، ثار الله ، دروس من عاشوراء
القربة :
القربة أو الوطب : وعاء من جلد الضأن والمعز يخاط ويعد ويجعل وعاء للماء واللبن ، وتسمى أيضا راوية أو ركوة ، وفي معركة الطف ، كما هو الحال في المعارك القديمة ، كانت القربة تستعمل كوعاء لحمل الماء في السفر وفي المخيم. وفي البعد العاطفي من معركة الطف اضحت القربة مظهرا ورمزا لساقي العطاشى أبي الفضل العباس ، فهو الذي كان يأتي بالماء ويسقي العيال والاطفال ، ولهذا سمي بأبي القربة كناية عن السقي بالقربة.
وفي يوم عاشوراء حمل القربة وسار إلى الفرات وملأها بالماء ، واثناء عودته إلى الخيام هاجموه من كلّ جانب ، وقطعوا يديه ومزّقوا القربة وقتلوه قبل ان يصل إلى الخيام. وهذه القضية تذكر بألم وحسرة وهي تعكس وفاء العباس وعطش الاطفال.
وقبل يوم العاشر كان للقربة دور وذكر ، ففي اثناء مسير قافلة الحسين صوب العراق وحين بلغت منزل شراف ، حمل الشبان ماء كثيرا وفي منتصف نهار اليوم الثاني لقوا الجيش الذي كان يقوده الحرّ بن يزيد الرياحي وكان تعداده الف نفر ، وكلّهم يشكون العطش ، فقدموا لهم الماء حتّى روواهم وخيلهم (١).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ : ٣٠٢.