الشهامة :
وهي المروءة والتمسّك بالحقوق والقيم الانسانية ، وتعتبر من المعالم الاخلاقية والنفسية البارزة لدى الحسين عليهالسلام وأنصاره والتي تجسدت في ملحمة عاشوراء ، وهذه النفسية التي تجعل الانسان يشمئز من الطغاة ، ويرفض الانصياع لسلطان الظلم ، ويحب الحرية والفضيلة ، ويتجنّب الغدر ونقض العهد وظلم الضعفاء ، ويدافع عن الضعفاء ، ولا يتعرض للابرياء ، ويقبل العذر ، ويقيل العثرة ، ويعترف بالحق الانساني للآخرين (حتى وان لم يكونوا مسلمين) ، ويتحلّى بالشهامة ، ويأبى تحمّل هجوم الأجانب على شرف ابناء الامّة ، هذه الأمور كلها تعتبر من معالم الشهامة والمروءة التي تجسدت على ارض الطف. لقد رفض سيد الشهداء عار البيعة ليزيد ، ولما واجه جيش الكوفة في طريق كربلاء ، رفض اقتراح زهير بن القين الذي أشار عليه بمحاربة هذه الفئة من قبل ان يجتمع إليهم سائر الجيش وقال عليهالسلام : «ما كنت لأبدأهم بالقتال» (١) ، وهذا نموذج من شهامة الحسين ، ولما لقي جيش الحر وقد أضرّ بهم العطش أمر بسقيهم الماء هم وخيلهم ، على الرغم من انهم جاءوا لمجابهته واغلاق الطريق عليه ، وكان من بينهم علي بن الطعان المحاربي الذي ما كان قادرا على شرب الماء من فرط عطشه ، فقام عليهالسلام واخنث له فم القربة وسقاه هو وفرسه (٢) ، وهذا مثال آخر على مروءته.
ولما عزم الحر بن يزيد على مفارقة جيش عمر بن سعد والانضمام إلى معسكر الحسين عليهالسلام وقف بين يدي الحسين منكسرا معلنا توبته واستعداده للتضحية بنفسه قائلا : هل لي من توبة؟ قال له أبو عبد الله عليهالسلام : «نعم يتوب الله عليك ، فانزل» (٣) ، وهذا نموذج آخر على مروءة الحسين عليهالسلام.
__________________
(١) الارشاد للشيخ المفيد : ٨٤.
(٢) حياة الامام الحسين ٣ : ٧٤ ، تاريخ الطبري ٤ : ٣٠٢.
(٣) اعيان الشيعة ١ : ٦٠٣.