رءوس الشهداء :
يعتبر قطع رأس الانسان (سواء الميت أمّ الحي) نوعا من المثلة وهو محرّم شرعا. وفي زمن الرسول صلىاللهعليهوآله والخلفاء من بعده لم يحصل مثل هذا العمل مع قتلى الأعداء الكفرة. فما بالك بأجساد شهداء كربلاء الذين احتزت رءوسهم من أجسادهم وداروا بها في الولايات الواحدة تلو الاخرى (١).
كان أول رأس قطع وارسل إلى مكان آخر في عصر معاوية ، وهو رأس الشهيد الجليل عمرو بن الحمق الخزاعي ، الذي يعد من الأصحاب الأوفياء لعلي عليهالسلام.
وتكرّرت هذه الجريمة في العصر الاموي في يوم عاشوراء ، وقبل عاشوراء قطعوا رأسي مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة في الكوفة وأرسلوهما إلى يزيد في الشام. وقطع ابن زياد أيضا رءوس قيس بن مسهّر ، وعبد الله بن يقطر ، وعبد الأعلى الكعبي وعمارة بن صلخب. وقطعت أيضا رءوس الكثير من شهداء كربلاء وارسلت إلى ابن زياد في الكوفة ، وكان عددها حسب ما جاء في بعض الاخبار ٧٨ رأسا قسمت بين القبائل للتقرب بها إلى ابن زياد وإلى يزيد. واخذ كلّ واحد من شيوخ قبائل كندة ، وهوازن ، وتميم ، ومذحج و... الخ عددا من رءوس الشهداء إلى الكوفة (٢). وارسل ابن زياد بدوره رءوس الشهداء الى يزيد في الشام.
اتّسمت مهمة ارسال الرءوس بطابع استعراضي ليراها اكبر عدد ممكن الناس لاجل بث الرعب في القلوب واشاعة الخوف ، ولا سيّما إذا رأى الآخرون ان هذا العمل قد تم مع اشخاص اكبر منهم مكانة.
من المحتمل جدا ان يكون قرار قطع الرءوس على يد جيش ابن سعد إنمّا تمّ بامر من عبيد الله بن زياد ؛ لأنّه امر في كتابه إليهم بقتلهم والتمثيل. بهم.
__________________
(١) انصار الحسين لمحمد مهدي شمس الدين : ٢٠٦.
(٢) بحار الانوار ٤٥ : ٦٢.