مجزرة الأربعين الداميّة :
في العراق وخاصة في المناسبات الخاصّة يسير المعزّون باستشهاد الإمام الحسين على شكل قوافل ومجاميع صغيرة وكبيرة نحو كربلاء سيرا على الأقدام. وهذه المسيرة المقدّسة التي غالبا ما تقام بمشاركة علماء الدين ولا سيّما من جهة النجف صوب كربلاء قد تعرّضت عدّة مرّات للمنع أو القمع من قبل النظام البعثي في العراق. وحدثت احدى هذه المسيرات في عام ١٣٩٧ للهجرة حين أعدّت الجماهير المعزّية منهجا واسعا لاستثماره إعلاميا وسيّاسيا ضد طاغوت العراق ، إلّا انّ الحكومة اتّبعت اسلوب العنف ضد المشاركين في المسيرة على طول الطريق ، وأمطرتهم بالرصاص من الارض ومن الجو. وقد وقعت أمثال هذه الحوادث في الاعوام ١٣٩٠ و ١٣٩٥ و ١٣٩٦ ه ، في أيّام العاشر من محرّم وفي أيّام الاربعين. إلّا إنّ الانتفاضة الواسعة التي وقعت في عام ١٣٩٧ ه لم يسبق لها مثيل من قبل ، وقد شهدت النجف في ذلك العام حشدا جماهيريا هائلا انطلق من جوار مرقد أمير المؤمنين عليهالسلام ووصل بعد أربعة أيّام من المسير إلى كربلاء ، وقد عبّرت تلك المواكب بالشعارات والخطب طوال الطريق عن معارضتها للحكومة البعثية.
كان الهتاف المتواصل لتلك الجماهير هو شعار «أبد والله ما ننسى حسينا» إلّا انّ القوات الحكومية وضعت مختلف العراقيل لمنع وصول الزوّار الى كربلاء وحصلت صدامات عنيفة وقع على اثرها عدد من الشهداء ، وحين وصول الجماهير إلى كربلاء وقعت حوادث أكثر عنفا ، وقتل جماعة ، والقي القبض على آخرين. ودخلت الانتفاضة الشيعية في اربعين ذلك العام في سجل التاريخ. وصارت نقطة مضيئة ومصدر إلهام لمزيد من الحماس في السنوات اللاحقة (١).
ـ الزيارة سيرا على الاقدام ، هدم قبر الإمام الحسين (ع)
__________________
(١) «انتفاضة صفر الاسلامية» بقلم رعد الموسوي ؛ يتحدّث فيه المؤلف الذي شهد وقائع الحادثة بنفسه عن الكثير من تفاصيلها.