عنهم تعدّ مبايعة له. والبيعة في الاسلام لا تعتبر طريقة في انتخاب الحاكم ، بل هي اسلوب لترسيخ حكومة الإمام اللائق لهذا المنصب على أساس محور الشرع وحكم الله ، كما وصفه امير المؤمنين بقوله في نهج البلاغة : «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
وأفردت كتب الحديث بابا خاصا للبيعة ، ممّا يدلّ على أهميّتها في النظام السياسي والاجتماعي في الاسلام. وانطلاقا من هذا التصوّر اتّخذت البيعة بعد وفاة رسول الله أهمية فائقة ، وصار لأخذ البيعة من الناس لصالح الحكومة بعدا سياسيا تجلّى في قضية السقيفة ، واستنادا الى هذا الأصل ارادوا ارغام الإمام علي عليهالسلام وأصحابه على البيعة ، وقد تولّى هو عليهالسلام الخلافة من خلال مبايعة الناس له بعد مقتل عثمان.
وكان العمل الّذي ارتكبه معاوية بأخذ البيعة لابنه يزيد ، في وقت لا زال هو فيه حيّا ، بانتهاج اسلوب الاكراه والارهاب من جملة التصرّفات المقيتة للأمويين ؛ فقد أخذ معاوية البيعة في عام ٥٩ للهجرة من أهالي الشام ومن وجوه القبائل لابنه يزيد بصفته وليّا للعهد ، وبعث الى الولايات كتبا يدعوهم فيها لمبايعته ، وقد لقيت هذه الدعوة معارضة من البعض إلّا إنّه قمعهم بقوّة (١).
وبعد موت معاوية بعث يزيد كتابا الى والي المدينة دعاه فيه الى أخذ البيعة من الحسين بن علي بأيّة صورة كانت ، إلّا إنّ الإمام الحسين كان يرى ان هذا الرجل غير صالح للخلافة ، فرفض البيعة وقال : «مثلي لا يبايع مثله».
وفي المدّة التي كان فيها سيّد الشهداء في مكة ووصلته كتب ورسائل اهل الكوفة ؛ بعث إليهم مسلم بن عقيل مندوبا عنه ، فبايعه شيعة الكوفة نيابة عن الإمام الحسين ، وكان عدد من بايعه منهم ١٨ ألفا أو ٢٥ ألفا ، وفقا لبعض الروايات (٢).
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٢٧.
(٢) مقتل الحسين للمقرم : ١٦٨.