العزاء :
هو إقامة المآتم على سيّد الشهداء وخاصّة في العشرة الاولى من محرّم. وكان الائمة المعصومون عليهمالسلام وعلماء الدين يشجّعون ويحثّون الناس على إقامة هذه الشعائر لمّا تنطوي عليه من ذكر للحسين وتخليدا لتلك الملحمة واحياء لثقافة عاشوراء ، وكانوا هم يقيمون مثل هذه المجالس بأنفسهم. لان العزاء بما فيه من البكاء والابكاء واقامة مجالس الذكر وقراءة القصائد والمراثي والابكاء ، يمثل في الحقيقة احياء لخط الائمة وتبيانا لمظلوميتهم. قال الإمام الباقر عليهالسلام بشأن اقامة مجالس العزاء في الدور على الإمام الحسين عليهالسلام ما يلي : «ثم ليندب الحسين ويبكيه ويأمر من في داره بالبكاء عليه ويقيم عليه ويقيم في داره مصيبته باظهار الجزع عليه ويتلاقون بالبكاء بعضهم بعضا في البيوت وليعزّ بعضهم بعضا بمصاب الحسين» (١).
لقد تحولت سنّة العزاء بما تنطوي عليه من محبّة وولاء للامام الحسين عليهالسلام ، إلى ممارسة شعبية واسعة ومقدسة لا زوال لها ولا وهن يعتريها ، وبفضلها تتعرف فئات واسعة على سيّد الشهداء عليهالسلام وعلى الدين وعلى ثقافة عاشوراء.
مرّت على قضية المأتم والعزاء ظروف متباينة ، وكلما أصبح الشيعة على قدر من القوّة أو صار امر الحكم بيدهم عملوا على اشاعة هذه الشعائر ، «ففى زمن سلطة البويهيّين ، صار الشيعة يقيمون المآتم على مصيبة سيّد الشهداء ، وألزم معز الدولة أهل بغداد يوم عاشوراء النوح واقامة المأتم على الحسين بن علي عليهالسلام وامر بغلق الابواب وعلّقت عليها المسوح ومنع الطباخين من طبخ الاطعمة واستمرت هذه الشعائر جارية حتّى بداية سلطة الدولة السلجوقية ، وبقيت هذه
__________________
(١) تاريخ النياحة على الإمام الشهيد للسيّد صالح الشهرستاني.