والأجواء ترتبك ، ليلجأ الإنسان إلى الله بروحيّة النادم الذي يحسّ بالذنب بعمق ، ويعيش ثقل الخطيئة بمسؤولية ، فيطلب من الله المغفرة والرضوان في خشوع المذنب الخاطئ ، ليشهده على قلبه وفكره ، إنه يريد أن يفتح صفحة بيضاء جديدة معه ، لا يفكر معها بخطيئة ، في ما يحمل من همّ المصير ، (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) بما توحيه التوبة من موقف عملي حاسم يؤكد النيّة بالعمل والإرادة بالحركة ، ويحوّل الإنسان إلى طاقة جديدة تتحرك على طريق الحق والخير والإيمان ، لتنفتح على الله في أوامره ونواهيه ، بعد أن كانت تتحرك على طريق المعصية والضلال ، وبذلك كان الاستغفار يمثل الخطوة النفسية الأولى نحو التوبة التي يعلن فيها الإنسان خضوعه لله ، وخوفه منه ، ومحبته له ، وطلبه العودة إليه وإلى ساحة رضوانه. أما التوبة فتمثل الخطوة الثانية العملية التي يبدأ بها تأكيد الموقف على الخط الصحيح ، وتجسيد الرغبة بالعمل في الاتجاه السليم في نطاق الالتزام بالمبادئ ، والانضباط أمام الحكم الشرعي.
وهذا ما يجعل الإنسان موضعا لرحمة الله ، ولاستقبال فيوضاته وألطافه (يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) بما يرزقكم من نعمه ، وبما ينزل عليكم من بركاته ، وينشره حولكم من رحمته بإشاعة الأجواء الروحية التي تفتح حياتكم على الاطمئنان النفسي الذي يطرد من الداخل كل عوامل القلق والحيرة والضياع ، وعلى العلاقات الإنسانية التي تتسم بالصدق والإخلاص ، وعلى الطيّبات المتنوعة ، في ما تأكلون وتشربون وتتلذذون ، وتحققون من رغائب وشهوات ، وغير ذلك من نتائج الانضباط على خطّ الله ـ سبحانه ـ في دينه ، وشريعته ، وهداه الذي يحقق لكم الاستقرار المادّي والروحي على مستوى الأشياء الكبيرة والصغيرة في الحياة ، إلى الأمد الذي حدّده الله للإنسان من عمر.
(وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) في ما قام به من عمل الخير وهجران الشر ، وتحقيق الغايات التي أراد الله للحياة أن تصل إليها من طاعة الطائعين ، وجهد