بالأعراض الذاتية ، وأمّا ما يلحقه لأمر أعمّ من ذاته عارض لها أو لأمر أخصّ فهما عرضان غريبان.
وباعتبار هذا الموضوع تتمايز العلوم وتختلف ، مثلا : أجرام العالم من حيث الشكل موضوعة للهيئة ، ومن حيث الطبيعة موضوعة للسماء والعالم من الطبيعي (١). فلولا اعتبار هاتين الحيثيتين لامتزج العلمان واختلط أحدهما بالآخر. (٢)
والموضوع قد يكون واحدا على الإطلاق ، وقد يكون متكثّرا (٣) ، لكن بشرط تناسب تلك الأشياء المتكثرة ، إمّا بأن تتشارك في ذاتي كالخطّ والسطح والجسم ، إذا جعلت موضوعات الهندسة ، فإنّها تشترك في الكمّ المتّصل القار الذات ، وهو جنس لها ، أو في عرضي كبدن الإنسان وأجزائه وأحواله ، والأدوية والأغذية وما شاكلها ، إذا جعلت جميعا موضوعات علم الطب ، فإنّها تتشارك في كونها منسوبة إلى الصحّة التي هي الغاية في ذلك العلم.
وإنّما سمّي الموضوع موضوعا للعلم ؛ لأجل أنّ موضوعات مسائل ذلك العلم ترجع إليه ، بأن تكون نفسه أو جزئيا تحته (٤) أو جزءا منه أو عرضا ذاتيا له.
أمّا المبادئ : فهي التي يبنى العلم عليها ، وهي إمّا تصوّرات أو تصديقات.
فالتصوّرات : هي حدود أشياء تستعمل في ذلك العلم ، وهي إمّا موضوع العلم أو جزء منه أو جزئي تحته أو عرض ذاتي له. وهذه الأشياء قد يجب تقديم
__________________
(١) أي لقسم السماء والعالم من العلم الطبيعي. أنظر أقسام العلم الطبيعي في طبيعيات الشفاء.
(٢) راجع قسم المنطق من كتاب النجاة : ٧٢ (فصل في اختلاف العلوم واشتراكها في الموضوعات) ؛ التحصيل: ٢١٥.
(٣) راجع المواقف : ٧ ؛ شرح المقاصد ١ : ٨ ؛ كشف الظنون ١ : ٣ ، ٦ ؛ ابن خلدون : ٤٦٦ ؛ شوارق الالهام : ٩ ، گوهر مراد : ١٨.
(٤) والكلمة مطموسة ، والصواب ما أثبتناه في المتن كما يفهم من السياق.