وأمّا بطلان كونه معدوما ، فلأنّه حال العدم لا يقبل الوجود ، فلا يقبل العدم والوجود ، فلا يكون ممكنا.
وإذا لم تنفك ماهية الممكن عن هذين التقديرين ، وكلّ واحد منهما مناف للإمكان ، لم تنفك ماهيته (١) عن المنافي للإمكان ، فلا تحقّق للإمكان لاستحالة الجمع بين المتنافيين. ولأنّ الممكن إمّا أن يحضر معه سبب وجوده أو لا. والأوّل واجب ، والثاني ممتنع ، فلا إمكان.
الرابع : لو كان الشيء ممكنا ، لكان إمكانه إمّا أن يكون ثبوتيا أو عدميّا ، والقسمان باطلان ، فالقول بالإمكان باطل ، أمّا الأوّل فلأنّه لو كان ثبوتيا لزم التسلسل ، أو وجوب الممكن. وأيضا يلزم حلول الموجود في المعدوم ، أو قيام الصفة بغير الموصوف ، وأمّا الثاني ، فلأنّه نقيض [اللاإمكان] (٢) المحمول على المعدوم ، فيكون (٣) معدوما ، فيكون الإمكان ثبوتيا.
والجواب عن الأوّل : المنع من استحالة وصف المجموع به ، فإنّ الإضافات بأسرها يمتنع عروضها للآحاد وهي عارضة للمجموع.
وعن الثاني : بأنّ الإمكان يعرض للماهية من حيث هي هي ، لا بمعنى أن نفرض الماهية متقرّرة ، ثم يعرض لها إمكان التقرّر وعدمه. فإنّ (٤) مع فرض التقرّر ، تكون الماهية واجبة غير ممكنة ، بل بمعنى أنّ الماهية إذا فرضت كانت تلك الماهية ، وإن لم تفرض لم تكن ماهية.
ثمّ إنّ هذه الشبهة تبطل الحمل مطلقا ، فإنّا إذا قلنا : السواد موجود ، فإن
__________________
(١) ق : «ماهية».
(٢) في النسخ : «الامكان» وهو خطأ النساخ.
(٣) أي «اللاإمكان».
(٤) ق : «فيه مع».